أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها الشهري الخاص بتوثيق حالات الاعتقال التعسفي من قبل أطراف النزاع في سوريا.
يؤكد التقرير اتباع الشبكة السورية لحقوق الإنسان أعلى معايير التوثيق، ويذكر التحديات التي تواجه فريق تسجيل المعتقلين، لعل أهمها عدم رغبة كثير من الأهالي في التعاون ونشر خبر اعتقال أبنائهم، أو حتى التعاون بشكل سري، وبشكل خاص في حال كون المعتقلة أنثى، وذلك لاعتقاد سائد في المجتمع السوري أن ذلك سوف يعرضها لمزيد من الخطر والتعذيب.
كما أشار التقرير إلى رسوخ قناعة تامة لدى المجتمع السوري من عدم جدوى التعاون في عمليات التوثيق، ذلك أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة بكافة مؤسساتها لم تتمكن من الضغط على السلطات السورية للإفراج عن حالة واحدة فقط، حتى لو كان معتقل رأي، بل إن معظم حالات الإفراج تمت ضمن صفقات تبادل مع فصائل في المعارضة المسلحة.
وذكر التقرير أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان تمتلك قوائم تتجاوز الـ 117 ألف شخصاً، بينهم نساء وأطفال، إلا أن تقديراتها تشير إلى أن أعداد المعتقلين تفوق حاجز الـ 215 ألف معتقل، 99% منهم لدى قوات النظام بشكل رئيس، لا تشمل الحصيلة المعتقلين على خلفيات جنائية، وتشمل حالات الاعتقال على خلفية النزاع المسلح الداخلي، وبشكل رئيس بسبب النشاط المعارض لسلطة الحكم، كما تُنكر قوات النظام قيامها بعمليات الخطف أو الاعتقال عند سؤال ذوي المعتقلين عنهم.
وعزا التقرير ارتفاع أعداد المعتقلين لدى قوات النظام السوري إلى عدة أسباب من أهمها أن كثيراً من المعتقلين لم يتم اعتقالهم لجريمة قاموا بارتكابها، بل بسبب نشاط أقربائهم في فصائل المعارضة المسلحة، أو بسبب تقديم مساعدة إنسانية، وإن أغلب حالات الاعتقال تتم بشكل عشوائي وبحق أناس ليس لديهم علاقة بالحراك الشعبي أو الإغاثي أو حتى العسكري إضافة إلى تعدد الجهات المخولة بعمليات الاعتقال والتابعة لقوات النظام وقيامها بعمليات الاعتقال التعسفي واحتفاظ هذه الجهات بمعتقلات خاصة بها لا تخضع لأي رقابة قضائية من الجهات الحكومية ولا يعامل المعتقلون في مراكز الاحتجاز هذه وفق القوانين السورية المنصوص عليها.
تميزت الاعتقالات التعسفية في آذار بقيام قوات النظام بعمليات مداهمة واعتقال شبه يومية شملت المدنيين في الأحياء الرئيسة في مراكز المدن والتجمعات السكانية الخاضعة لسيطرته، حيث شملت عمليات الاعتقال الشرائح العمرية بين 18 – 42 عاماً، وذلك بهدف التجنيد القسري، كما شملت عوائل النشطاء ومقاتلي فصائل المعارضة المسلحة القاطنين في مناطق سيطرته، كما شملت عمليات الدهم والاعتقال بهدف التجنيد القسري عدة مناطق في محافظة ريف دمشق.
تنظيم داعش استمر أيضاً في سياسة الاعتقال التعسفي بحق المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرته، حيث شملت عمليات الاعتقال المخالفين للتعاليم المفروضة قسراً من قبل التنظيم، وأيضاً أصحاب محلات الاتصالات ومقاهي الإنترنت ومحلات الصرافة، والمدنيين الذين يحاولون النزوح من مناطق سيطرة التنظيم إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة.
قوات الإدارة الذاتية من جهتها، استمرت في سياسة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بحق المدنيين والنشطاء السياسيين والإعلاميين المعارضين لتوجهاتها في المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث تركزت عمليات الاعتقال هذه في مدينة الحسكة، ومدينة عفرين بريف محافظة حلب، إضافة إلى حملات موسعة للاعتقال بهدف التجنيد القسري تركزت في مدن القامشلي بريف محافظة الحسكة ومدن عفرين وعين العرب بريف محافظة حلب.
قدم التقرير إحصائية تتحدث عما لا يقل عن 459 معتقلاً في آذار، منهم 353 معتقلاً على يد قوات النظام السوري، يتوزعون إلى 277 رجلاً، و14 طفلاً، و62 سيدة (أنثى بالغة).
بينما اعتقلت قوات الإدارة الذاتية 47 شخصاً، يتوزعون إلى 41 رجلاً، و6 أطفال.
اعتقل تنظيم داعش 41 شخصاً، يتوزعون إلى 36 من الرجال، و5 أطفال. واعتقل تنظيم جبهة فتح الشام 11 شخصاً جميعهم من الرجال.
أما فصائل المعارضة المسلحة فقد اعتقلت 7 أشخاص، جميعهم من الرجال.
وثق التقرير 298 حالة إطلاق سراح يتوزعون إلى 236 حالة من مراكز احتجاز قوات النظام السوري، و14 حالة من مراكز احتجاز قوات الإدارة الذاتية، و21 حالة من مراكز احتجاز تتبع تنظيم داعش.
ووفق التقرير فإن تنظيم جبهة فتح الشام أطلق سراح 15 شخصاً، أما فصائل المعارضة المسلحة فقد أطلقت سراح 12 شخصاً.
وصنَّف التقرير حالات إطلاق السراح الموثقة من مراكز احتجاز القوات الحكومية إلى 188 حالة من السجون المدنية والعسكرية، 48 حالة من الأفرع الأمنية.
وأشار التقرير إلى أنه تم توثيق ما لا يقل عن 131 نقطة تفتيش نتج عنها حالات حجز للحرية متوزعة على المحافظات، حيث كان أكثرها في محافظة ريف دمشق، بينما تصدرت قوات النظام السوري الجهات المسؤولة عن المداهمات يليها قوات الإدارة الذاتية (بشكل رئيس قوات حزب الاتحاد الديمقراطي – فرع حزب العمال الكردستاني).
وأورد التقرير إحصائية تتحدث عن 179 حالة خطف لم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من تحديد الجهة التي نفذتها إلا أن 117 حالة منها حدثت في مناطق خاضعة لسيطرة قوات النظام السوري.
وذكر التقرير أن قضية المعتقلين تكاد تكون المعضلة الوحيدة التي لم يحدث فيها أي تقدم يذكر على الرغم من تضمينها في بيان وقف الأعمال العدائية، لذا أوصى التقرير بضرورة توقف عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والسماح لذوي المعتقلين بزيارهم فوراً. وإطلاق سراح كافة النساء والأطفال، والتوقف عن اتخاذهم رهائن حرب.
وأشار التقرير إلى ضرورة منح المراقبين الدوليين المستقلين من قبيل أعضاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، زيارة كافة مراكز الاحتجاز النظامية وغير النظامية، دون ترتيب مسبق، ودون أي قيد أو شرط. وتشكيل لجنة أممية لمراقبة إطلاق سراح المعتقلين بشكل دوري وفق جدول زمني يطلب من كافة الجهات التي تحتجزهم، وبشكل رئيس من الحكومة السورية التي تحتجز 99% من مجموع المعتقلين.
كما أوصى التقرير مجلس الأمن بمتابعة تنفيذ القرارات 2042 الصادر بتاريخ 14/ نيسان/ 2012، والقرار 2043 الصادر بتاريخ 21/ نيسان/ 2012، والقرار 2139 الصادر بتاريخ 22/ شباط/ 2014، والقاضي بوضع حد للاختفاء القسري.
وأكد على ضرورة تحمل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مسؤولياته تجاه مئات آلاف المحتجزين والمختفين في سوريا.
… http://www.all4syria.info/Arch