نشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مؤخراً دراسة تناولت فيها أبرز الانتهاكات التي ارتكبتها أطراف النزاع في سوريا بحق الفنانين.
وتحت عنوان “الفنانون السوريون ما بين الحرية والاستبداد” ذكر التقرير أن الفنانين السوريين انقسموا تجاه الانتفاضة الشعبية التي حصلت في بلدهم، فريق أيّد الانتفاضة الشعبية ومطالبها، وفريق وقف مع السلطات الحاكمة، وفريق التزم الصمت، وقد تعرض من يقدم الدعم والمناصرة للانتفاضة الشعبية للقتل أو التعذيب أو الاختفاء القسري، وغير ذلك من أنواع الانتهاكات، أما من يؤيد السلطات الحاكمة يحظى بالتأييد المادي والمعنوي، ويتم الاستعانة بهم في حملات تشويه الانتفاضة الشعبية، وتخوين زملائهم الذين ناصروها، إضافة إلى الترويج للانتخابات الرئاسية وغير ذلك من المناسبات والحملات الإعلامية الداعمة للسلطات، ومن أبرزهم: دريد لحام، وسلاف فواخرجي، وسلمى المصري، ومصطفى الخاني، ووائل شرف، وأحمد رافع والمغني شادي أسود.
وأكد التقرير أن مشاركة الفنانين السوريين تركت أثراً بارزاً في الحراك الشعبي، حيث تعرضوا مبكراً للتضييق والتهديد، لأن في مناصرتهم دعماً واضحاً للحراك المدني السلمي الذي استمر قرابة التسعة أشهر، كما لعبت شهرتهم دوراً مهماً في توسع الحراك الشعبي، ورغم ذلك فقد شارك فنانو سوريا المعارضون في الحراك السلمي بقوة في أول سنتين من انطلاق الاحتجاجات الشعبية، واتسم معظم حراكهم بالعمل الجماعي، من خلال المشاركة في مظاهرات سلمية، أو مشاركة الأهالي تشييع ضحايا قتلوا على يد القوات الحكومية.
ويذكر التقرير أن المشاركة الأولى كانت عند إصدار بيان إنساني، لم يتم التطرق فيه عمداً إلى الجانب والمطالب السياسية، حيث طالب بإيصال المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء وحليب إلى أطفال درعا المحاصرة من قبل القوات الحكومية، أطلق عليه اسم “بيان الحليب”، أطلقته الكاتبة ريما فليحان عبر صفحتها الشخصية على الفيس بوك بتاريخ 29/ نيسان/ 2011، وطلبت التوقيع عليه، وكان من ضمن الموقعين عدد كبير من الفنانين، من بينهم منى واصف، ويارا صبري، وماهر صليبي وكندة علوش وغيرهم، ووصل عدد الموقعين عليه حينها من جميع الفئات والتوجهات السياسية إلى ما لايقل عن 1200 موقّع. وقد قوبل البيان البسيط بالعنف والقسوة من قبل السلطات السورية، فقد بدأت حملة أمنية واسعة شملت اعتقالات وطرد من الوظائف، وضرب لبعض الموقعين على البيان.
وبحسب التقرير فإن العلامة الأبرز لمشاركة الفنانين كانت في مظاهرة سميت بـ “بمظاهرة المثقفين” يوم الأربعاء 13/ تموز/ 2011، حيث اتفق العديد من الفنانين والمثقفين على المشاركة في تلك المظاهرة التي كان من المفترض أن تنطلق من حي الميدان أمام جامع الحسن في دمشق، وقبل انطلاق التظاهرة بدقائق تم اعتقال 19 فناناً ومثقفاً، من ضمنهم مي سكاف، والأخوين ملص، والكاتبة ريما فليحان، والكاتبة يم مشهدي، والصحفي إياد شربجي وغيرهم، ثم أُفرج عنهم لاحقاً بعد 4 أيام، كما تعرض عشرات الفنانين والمشاركين للضرب والتهديد.
وثق التقرير مقتل 22 فناناً، منهم 14 فناناً قتلوا على يد القوات الحكومية، بينهم 4 قضوا بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز، كما قتل 4 فنانين على يد فصائل المعارضة المسلحة، وفنان واحد على يد تنظيم داعش، بينما قتلت مجموعات مسلحة لم يتمكن التقرير من تحديد هويتها 3 فنانين.
كما ذكر التقرير أن 57 حالة اعتقال لفنانين تم توثيقها، 50 منها من قبل القوات الحكومية مازال 9 منهم قيد الاعتقال، بينما وثق التقرير حالتي اختطاف على يد فصائل المعارضة المسلحة تم الإفراج عنهما، واختطف تنظيم داعش فناناً واحداً، بينما اختطف تنظيم جبهة النصرة فنانين اثنين تم الإفراج عنهما لاحقاً، وقد سجل التقرير حالتي اختطاف على يد مجموعات مسلحة لم يحدد هويتها.
ووفق التقرير فإن الأعوام 2011 و2012، هي الأسوأ من حيث حجم الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق الفنانين ويعود تراجع حجم العنف والجرائم المرتكبة بحقهم منذ بداية عام 2013 حتى الآن لأسباب عدة منها: انحسار دورهم في الحراك المدني، واضطرار معظمهم للهرب خارج البلاد، والتزام بعضهم الآخر الحياد والصمت وقد نتج ذلك عن استمرار عمليات الترهيب والعنف الممنهج من قبل السلطات السورية ضد مناهضيها من الفنانين، وسعيها مع مؤيديها من فنانين ومنتجين ومؤثرين في الحقل الفني إلى التضييق معنوياً ومادياً على الفنانين المناهضين للسلطات الحاكمة إضافة إلى الحملات الإعلامية المكثفة ضدهم، كما حال ظهور وانتشار فصائل مسلحة متشددة تحمل فكراً متطرفاً في كثير من المناطق التي خرجت عن سيطرة القوات الحكومية، دون لجوء الفنانين إلى تلك المناطق وممارسة نشاطهم المدني والفني بحرية كون تلك الفصائل تنظر إلى الفن على أنه مخالف لمنهجها.
… http://www.all4syria.info/Arch