كانت الشَبكة السورية لحقوق الإنسان قد كشفت أنَّ نحو 817 مدنياً صدرت ضدهم العام الجاري قرارات بالحجز الاحتياطي من قبل النظام السوري.
واعتبرت الشبكة أن سياسة الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة من قبل النظام السوري تعد أحد أبرز الأساليب الفعَّالة التي يستخدمها كأداة لتحقيق موارد مالية إضافية لخزينته من خلال الاستيلاء على الأموال المشمولة بالحجز والتصرف بها فيما بعد، وكعقوبة ضد معظم من عارضه وعائلاتهم، عبر تطبيق مزيد من التضييق والقيود القانونية والاجتماعية والاقتصادية ضدهم، وتظهر الوثائق الخاصة بقرارات الحجز الاحتياطي الصادرة عن النظام السوري التي تحتفظ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بنسخ عنها في أرشيفها، أنَّ المعتقلين تعسفياً والمختفين قسرياً في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، والمشردين قسرياً داخل وخارج سوريا من أوسع وأبرز المتأثرين بقرارات الحجز الاحتياطي الصادرة عن النظام السوري التي تتحول في معظمها لقرارات حجز تنفيذي ومصادرة فيما بعد.
وأشارت إلى أنه منذ نهاية عام 2023 رصدت توجيه وتركيز هذه السياسة ضد مناطق محددة، كانت خارجة عن سيطرته وخضعت لاتفاقيات تسوية، لتكون أكثر تمييزية وشمولية ومبنية على أساس أمني وانتقامي، ومفتقرة لمبادئ العدالة والشفافية في جميع الإجراءات المتعلقة بها ومتجاوزة للقوانين الدولية والتشريعات المحلية.
حسب المصدر، فإن هذه القرارات لم تصدر عن أية جهة قضائية، وإنَّما من خلال الصلاحيات الواسعة التي منحها النظام السوري للعديد من الجهات الرسمية التنفيذية لديه في إصدار قرارات الحجز الاحتياطي أو الإداري على الأموال والممتلكات ومصادرتها، وبشكل رئيس وزارة المالية بذريعة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقد توسعت هذه الصلاحيات ليشمل الحجز على أموال زوجات المطلوب الحجز عليهم، وذلك بخلاف الحجز القضائي الذي يشمل فقط الذمة المالية للمحجوز عليه دون غيره.
ووثَّقت الشبكة في تقرير سابق لها ما لا يقل عن 13 قراراً جماعياً بالحجز الاحتياطي شملت ما لا يقل عن 817 مدنياً، بينهم 273 سيدة، و12 طفلاً صدرت عن وزارة المالية لدى النظام السوري في محافظة ريف دمشق منذ كانون الثاني 2024 وحتى حزيران 2024، وكان شهر شباط 2024 الأعلى من حيث عدد قرارات الحجز الاحتياطي التي أصدرتها وزارة المالية لدى النظام السوري، والأعلى من حيث حصيلة المدنيين الذين استهدفوا بتلك القرارات. وتضمَّنت هذه القرارات لوائح بأسماء لأشخاصٍ مختفين قسرياً في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، ومفقودين، وأشخاصٍ أجروا تسويات لأوضاعهم الأمنية، وآخرين ملاحقين من قبل الأجهزة الأمنية، بما في ذلك المهجرون والنشطاء.
مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، فسّر في تصريح سابق لـ “القدس العربي” ملابسات القانون، مؤكداً أن “تطبيقه يستهدف الجميع، لا معارضي النظام بشكل خاص، وممكن تطبيقه على أي شخص رمادي لم يدعم النظام بشكل الكافي”.
وقال: “القانون يأتي استكمالاً للقوانين التي سنها النظام السوري لسرقة الأموال، كونه بحاجة موارد إضافية، فاتجه لسرقة أكبر قدر مما يمكن سرقته من الأموال، كما أن تطبيقه يستهدف بشكل عام أي شخص يرده هذا النظام، ولأن القرار صادر عن السلطة التنفيذية صار كأنه قرار قضائي، وهي الإضافة الأساسية”.
وحذر مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، من تطبيق هذا القانون، لافتاً إلى أنه يستهدف أموال الشعب السوري كله، وهو أوسع من قانون الملكية، وله بعد اقتصادي ويعود بمليارات الدولارات على النظام السوري.
وقال: “النظام عندما أصدر قوانين نهب المليكات والأراضي والعقارات، وأعاد السيطرة على القرى والبلدات، هو الآن بحاجة إلى موارد، لذلك أصدر هذا القانون الذي ينتهك مبادئ حقوق الإنسان”.