أكثر من 112 ألف سوري مختف قسريًا منذ آذار 2011، حتى آب 2023، لا تزال عائلاتهم بانتظار خبر أو معلومة عنهم، من أي جهة، تخبرهم على الأقل، إن كان أبناؤهم أحياءا أو أمواتًا.
أرقام أحصتها “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في تقاريرها حول المختفين قسريًا، على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، وأكدت أن من بين المختفين قسريًا 3105 طفل، و6698 سيدة، لايعرف مصيرهم حتى الآن.
الوضع الأمني.. العقبة الأساسية
يحد الواقع السياسي والعسكري في سوريا، من الآمال التي تعلق على هذا النوع من المبادرات الأممية، على الرغم من الحاجة الملحة والشديدة لها، إذ لايمكن تجاوز حالة عدم الاستقرار، وتعدد أطراف السيطرة والقوى المتصارعة على الأرض، وما يشكله هذا الواقع من معوق كبير لعمل هذه الآلية، وقدرتها على الوصول للمعلومات والتأكد من أماكن وجود هؤلاء المختفين أو المفقودين.
مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” فضل عبد الغني، أكد في حديثه إلى عنب بلدي أن الشبكة كانت حريصة على التعاطي بواقعية مع إمكانية نجاح هذه الآلية بالانطلاق من الواقع السوري بتعقيداته، وأنه في هذه المرحلة ليس بالإمكان الكشف عن مصير المفقودين في ظل عدم تعاون القوى والأطراف في تحقيق هذا الهدف، سواء من طرف النظام السوري الذي رفض منذ البداية فكرة تأسيس الآلية، واتهم اللجنة بالمسيسة، أو القوى الأخرى التي تسيطر على مناطق من سوريا، ومسؤولة عن اختفاء عدد من السوريين في مناطقها.
“يجب أن نكون صريحين مع الناس وألا نرفع سقف التوقعات بشكل مبالغ فيه وغير واقعي”، نبّه عبد الغني لهذه المسألة، وأضاف إنه إذا كانت القوى والأطراف المسيطرة المسؤولة عن هذا التغييب غير متعاونة مع الجهود الساعية للكشف عن مصير المغيبين، فكيف لهذه الآلية أن تصل إلى هدفها.
مواطن القوة.. أهمية الآلية
برغم الواقع الأمني وما يشكله من تحديات، يبقى لهذه الآلية والمؤسسة جدوى لا يمكن إغفالها بعيدًا عن العواطف، بحسب مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فضل عبد الغني، الذي يرى أن من شأن ذلك وضع ملف المفقودين على أجندة النقاشات السياسية، وعدم إغفاله، مع تحضير الأرضية للبحث فيه، في مرحلة ما بعد الحل السياسي في سوريا.
وقد واكبت العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية، ومؤسسات المجتمع المدني السورية المؤسسة منذ أن كانت فكرة وساهمت في تحولها لواقع، كما ذكر فضل عبد الغني، الذي أشار إلى أن التنسيق والتعاون مع الأمم المتحدة في مختلف مفاصل القضية السورية موجود، بما في ذلك التنسيق في ملف المفقودين، كون “الشبكة السورية” هي المصدر الأول والأضخم للإحصائيات والبيانات التفصيلية، حول المختفين، ولا تزال توثق إلى اليوم حالات الاختفاء القسري، في جميع مناطق سوريا على اختلاف توزعها والقوى المتحكمة فيها والمسيطرة عليها، وفق ما قاله.