وثق تقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان «منظمة غير حكومية» وتلقت «القدس العربي» نسخة منه، خلال شهر آذار/مارس المنصرم ما لا يقل عن 203 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 8 أطفال و5 سيدات «أنثى بالغة».
مدير الشبكة الحقوقية فضل عبد الغني أكد لـ «القدس العربي» خلال اتصال به، أن عمليات الاعتقال التي تلاحق السوريين مستمرة ولم تتوقف كما يتصور البعض، وأن الإحصائيات التي تم سردها هي المؤشر على مدى ما يواجه المواطن السوري على أيدي أطراف الصراع في البلاد، خاصة من قبل النظام وأجهزته الأمنية والعسكرية. مشيرا إلى توسع عمليات ملاحقة السوريين واعتقالهم وتكميم الأفواه لتصل إلى أي مواطن يوجه انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما وصفه المتحدث بوجود «قبضة أمنية متوحشة» من قبل عدة جهات في سوريا، ويترأس القائمة النظام، إذ ما زال في أعلى مستوياته، وهو ما يؤدي في الكثير من الحالات إلى الاختفاء القسري للمواطنين بالإضافة إلى الاعتقالات وممارسة أشد انتهاكات التعذيب بحقهم.
فيما سجَّل التقرير 9 حالات على يد هيئة تحرير الشام، و39 حالة على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/الجيش الوطني بينهم سيدة.
الأسد عراب الأجهزة الأمنية
مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان عبد الغني قال: رأس هرم السلطة في سوريا هو الجهة المسؤولة عن هذه الأجهزة الأمنية، فهو من يمدها بالمال والسلاح والسلطة لتنفيذ هذه الانتهاكات بحق السوريين، حتى أن رئيس النظام بشار الأسد يسخر عائدات استصدار جوازات سفر والحوالات المالية وصولا إلى ما يصله من مساعدات أممية لتمويل هذه الأجهزة الأمنية التي تفتك بالسوريين، كون الأسد يراهن على هذه الأجهزة كثيرا، فبقاء هذا البطش هو العامل الأساسي في بقاء الأسد بالسلطة، وهو من يساهم في بسط نفوذ النظام ضمن المناطق الخاضعة لسيطرته وبالتالي إنعاش النظام الحاكم. هذه الأجهزة الأمنية وفق مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يقع على عاتقها الحفاظ على أمن النظام، وبالتالي تلاحق من ينتقده سواء في الواقع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، فهي تعمل على وأد أي أفكار قد تؤدي إلى ولادة رأي شعبي معارض له أو مطالبة بالإصلاح وتحسين الأوضاع الاجتماعية والواقع الاقتصادي المتدهور للغاية في البلاد، خاصة وأن النظام فشل في إدارة أي أزمة سواء كانت محلية أو على نطاق أوسع. لذلك تلجأ الأجهزة الأمنية التابعة للنظام إلى سياسة ترهيب السوريين وتخويفهم وتعذيبهم كونه لا يملك ما يغير أوضاعهم أو ينعش الاقتصاد المتردي، ما جعل بشطهم دون أي حدود، حيث تتم عمليات الاعتقال بدون أي مذكرات وسط غياب أي محاكم قضائية مستقلة ولا وجود للقانون، وهو ما جعل أجهزة الأسد الأمنية تتخذ من هذه الجرائم سوقا لابتزاز السوريين وسرقة أموالهم من خلال المساومة على حياة أبنائهم أو أي معلومة تخصهم. عبد الغني، نوه إلى أن السواد الأعظم من عمليات الاعتقال التعسفية تتحول غالبا إلى اختفاء قسري، وهو ما يجعلنا نشير إلى أن عمليات الاعتقال يمكن وصفها بعمليات خطف للسوريين، وأن الاختفاء القسري يجعل مصير المعتقل غير معروف، وفي العديد من الحالات يكون مصيره القتل.
أما تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فقد أشار إلى أن النظام السوري شرعن جريمة التعذيب، على الرغم من أن الدستور السوري الحالي، يحظر الاعتقال التعسفي والتعذيب حسب المادة 53.
كما أنَّ قانون العقوبات العام وفقاً للمادة 391 ينصُّ على الحبس من ثلاثة أشهر حتى ثلاث سنوات على كل من استخدم الشدة في أثناء التحقيق في الجرائم، ويُحظر التعذيب في أثناء التحقيق وفقاً للمادة 391.
لكن هناك نصوصا قانونية تعارض بشكل صريح المواد الدستورية الماضية، والمادة 391 وتُشرعن الإفلات من العقاب، بما فيها القانون رقم 16 لعام 2022 لتجريم التعذيب.