أعلنت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في تقريرها الشهري، عن رصد انتهاكات في كل مناطق السيطرة داخل سوريا، خلال شهر آذار الماضي، ممّا يؤكد أنَّ سوريا بلد غير آمن لعودة اللاجئين.
ووثقت الشبكة خلال شهر آذار مقتل 102 من المدنيين، بينهم 11 طفلاً و14 سيدة (أنثى بالغة)، النسبة الأكبر منهم على يد “جهات أخرى”، من بينهم ضحية من الكوادر الطبية.
وسجل التقرير مقتل 5 أشخاص بسبب التعذيب، إضافة إلى ما لا يقل عن مجزرتين، ووفقاً للشبكة فإنَّ ما لا يقل عن 203 حالات اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 8 أطفال، و5 سيدات قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري.
وشهد شهر آذار ما لا يقل عن 7 حوادث اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، 3 منها كانت على يد قوات النظام السوري، وقد تركَّزت في محافظة إدلب، من بين هذه الهجمات وثق التقرير حادثتي اعتداء على منشأة تعليمية وحادثة اعتداء واحدة على مكان عبادة.
شمال غربي سوريا
وسجلت الشبكة في مناطق شمال غربي سوريا، استمرار الهجمات الأرضية التي تنفذها قوات النظام السوري على قرى وبلدات في ريف إدلب الجنوبي والشرقي وريف حلب الغربي وسهل الغاب في ريف حماة الغربي، القريبة من خطوط التماس مع فصائل في المعارضة.
كما طال القصف قرى وبلدات بريفي محافظة إدلب الجنوبي والشرقي وريف حلب الغربي بعيداً عن خطوط التماس، مع استمرار الاستخدام المكثف والعشوائي من قبل قوات النظام السوري للطائرات المسيَّرة عن بعد (الانتحاري) للشهر الثاني على التوالي في تنفيذ العديد من الهجمات على مناطق في كل من سهل الغاب في ريف حماة الغربي، ومناطق في محافظة إدلب، وريف حلب الغربي سواء كانت قريبة أو بعيدة من خطوط التماس مع فصائل المعارضة، والتي أسفرت عن ضحايا وإصابات في صفوف المدنيين.
وكذلك سجل التقرير تعرض المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الجيش الوطني في حلب لعدة هجمات أرضية مصدرها مواقع سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وقوات النظام السوري.
وتضرر ما لا يقل عن 5 من مخيمات النازحين ومتضرري الزلزال المنتشرة في أرياف محافظتي إدلب وحلب، بسبب تشكل السيول والفيضانات والبرك الطينية وقطع الطرقات ناتجة عن هطولات مطرية غزيرة شهدتها هذه المناطق، إضافة إلى تسجيل أضرار فيما لا يقل عن 9 من المخيمات المنتشرة في أرياف محافظتي إدلب وحلب، بسبب اندلاع حرائق ضمن هذه المخيمات ناتجة عن أسباب مختلفة.
وعلى صعيد الوضع المعيشي والخدمي في شمال غرب سوريا، تستمر معاناة المدنيين بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدهورة، بالتزامن مع غلاء أسعار كل المواد الغذائية والتموينية، كما تعاني هذه المناطق من نقص كبير في القوة الشرائية بسبب انتشار البطالة وارتفاع نسبة الفقر وخصوصاً في المناطق التي تضم مخيمات النازحين، وتدهور سعر صرف الليرة التركية وهي العملة المتداولة في المنطقة.
النظام السوري يواصل الانتهاكات
واستمرت قوات النظام السوري في التضييق على المدنيين في مناطق سيطرتها، وواصلت عمليات ملاحقة واستهداف المدنيين على خلفية معارضتهم السياسية وآرائهم المكفولة بالدستور السوري والقانون الدولي.
ونفذت قوات النظام عمليات اعتقال وإخفاء قسري في مختلف مناطق سيطرتها، وكانت الحصيلة الأعلى في آذار من نصيب محافظة دمشق تلتها ريف دمشق ثم حمص، وما زالت عمليات التعذيب تمارس في مراكز الاحتجاز التابعة له.
وخرق النظام السوري عبر عمليات الاعتقال هذه قرار محكمة العدل الدولية، الذي أصدرته في 16 من تشرين الثاني/ 2023. كما لم تتوقف عمليات استيلاء النظام السوري على الممتلكات، والتي يشرعنها استناداً إلى ترسانة قوانين وتشريعات.
وواصل النظام السوري الاستحواذ على أموال المساعدات الإنسانية وتسخيرها لتحقيق أهدافه وتحكمه بمصائر المستفيدين منها، من خلال تحكمه بالمنظمات غير الحكومية التي تستقبل هذه الأموال وتديرها.
وبحسب التقرير، فقد استمر في آذار الوضع الاقتصادي والمعيشي والخدمي والأمني بالتدهور على كل المستويات في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، واستمرت قيمة الليرة السورية بالتدهور أمام الدولار؛ الأمر الذي ينعكس بالتأكيد على أسعار السلع في الأسواق، وما زالت أسعار المنتجات الغذائية مستمرةً بالارتفاع، مما ينعكس على القدرة الشرائية للمواطنين.
انتهاكات في شمال شرقي سوريا
وسجل التقرير في شمال شرقي سوريا، استمراراً بالقصف المدفعي الذي تنفذه قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية الموالية لها على مناطق في محافظة دير الزور تتمركز فيها قوات “قسد”، والتي تقوم بقصف مماثل على المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام.
كما سجل التقرير تعرض مناطق سيطرة قوات “قسد” في محافظة حلب لهجمات أرضية مصدرها مناطق سيطرة قوات الجيش الوطني.
وقُتل وأصيب العديد من المدنيين برصاص قوات “قسد” ضمن مناطق سيطرة هذه القوات، إضافة إلى استمرار القوات ذاتها باعتقال المدنيين تعسفياً وخطف العديد من الأطفال بهدف تجنيدهم قسرياً ضمن صفوفها.
كذلك سجل التقرير استمرار الاشتباكات التي تشهدها مناطق في محافظة دير الزور منذ 27 من آب 2023، بين عشائر في محافظة دير الزور والمجلس العسكري في دير الزور من طرف، وقوات “قسد” من طرف آخر على نحو متقطع حيث إنها تندلع بين الحين والآخر في مناطق شرقي دير الزور.
أما في مخيمات النازحين المنتشرة ضمن مناطق شمال شرقي سوريا، ففي آذار استمرت معاناة النازحين في عدد من المخيمات العشوائية الواقعة في ريف دير الزور الغربي الناتجة عن نقص الخدمات الأساسية وعدم توفر المياه والكهرباء واستمرار معاناتهم من الأحوال الجوية السيئة التي تشهدها المنطقة منذ دخول فصل الشتاء.
واستمر الوضع المعيشي والأمني في شمال شرقي سوريا بالتدهور، وما تزال المنطقة تشهد ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والتموينية والخضراوات واللحوم الحمراء، والمحروقات نتيجة عدم ضبط الجهات المسيطرة لحركة البيع والشراء في الأسواق والتصعيد الذي تشهده هذه المنطقة
وتشير الأدلة التي جمعها التقرير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات “الحلف السوري الروسي” جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.