صدر اليوم الخميس تقرير بعثة تقصي الحقائق (FFM) التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، والتي تتضمن ولايتها تحديد ما إذا كانت مواد كيماوية سامة قد تم استخدامها كأسلحة في سوريا أم لا، ولا تشمل ولايتها تحديد من المسؤول عن تنفيذ أية هجمات مزعومة بأسلحة كيماوية، والتقرير حقق في هجوم مزعوم أبلغت عنه حكومة النظام السوري في مطلع تشرين الثاني 2017 الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، حيث ادعت أن تنظيم “الدولة” (داعش) استخدم مواد كيماوية في هجوم جنوب منطقة مخيم اليرموك في محافظة دمشق، وطلبت منها التحقيق في الحادثة.
وبحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فقد استعرض التقرير ما خلصت إليه تحقيقات بعثة تقصي الحقائق عن الهجوم المزعوم، وذكر أن البعثة أجر زيارة ميدانية لموقع الهجوم المزعوم وأجرت المقابلات مع شهود وضحايا للحادث المبلغ عنه، كما راجعت وحلّلت الصور وتسجيلات الفيديو والوثائق المقدمة من حكومة النظام السوري، بالإضافة لفحص التحاليل الكيماوية للعينات الواردة والمجمعة ومراجعة المواد مفتوحة المصدر.
وأشار التقرير إلى أنه وبعد فحص وتحليل جميع المعلومات، استنتجت بعثة تقصي الحقائق أنه لا يمكن ربط عينات المواد الكيماوية المقدمة بحدث معين وقع حتى تم جمع هذه العينات، وأضافت استناداً إلى نطاق التحليل فإن النتائج الإجمالية لا توفر إشارة إلى استخدام المواد الكيماوية السامة كسلاح.
وأوضحت بعثة تقصي الحقائق في تقريرها إلى أنها واجهت تحديات في تأكيد المعلومات التي تم جمعها حول الحادثة بسبب غياب التطابق بين المعلومات التي قدمها الشهود والمعلومات التي قدمتها حكومة النظام السوري عن الحادثة، كما احتوت الوثائق المقدمة من النظام السوري على تناقضات في أعداد الأفراد المبلغ عن وجودهم في موقع الحادث وعدد الضحايا وعدد الأفراد الذين يطلبون العلاج في المشفى. ولم تجد البعثة أي صور أو فيديوهات للذخائر المزعوم استخدامها في الهجوم، ووصف الشهود للذخائر لم يكن متطابقاً أيضاً. كما لم تستطع البعثة ربط الأعراض المقدمة بأي نوع من أنواع الأسلحة الكيماوية.
كما أن روايات الشهود لم تكن متطابقة حول عدد الأشخاص الذين تم معالجتهم في مشفى يلدا الميداني، وسرد الأحداث والأوصاف المختلفة المقدمة لـ “الغاز” الموجود في مكان الحادث، بما في ذلك لونه ورائحته، لم تكن متسقة، بالإضافة للعديد من التناقضات الأخرى.
تعقيب الشبكة السورية على تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيماوية
تشير الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن بعثة تقصي الحقائق كانت قد أصدرت في 28 حزيران2023 تقريراً حقق في هجومين مزعومين أبلغت عنهما الحكومة التابعة للنظام السوري الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية في قرية خربة المصاصنة بريف حماة، في 7 تموز، و4 آب من عام 2017 ، وخلصَ التقرير إلى أن المعلومات التي تم الحصول عليها وتحليلها وفقاً لولاية بعثة تقصي الحقائق لم توفر أسباباً معقولة لبعثة تقصي الحقائق لتحديد أن المواد الكيماوية السامة قد استخدمت كسلاح في الحادثتين المُبلغ عنهما، وكنا قد أصدرنا بياناً تعقيباً على هذا التقرير طالبنا فيه منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بعدم إضاعة الوقت والجهد والموارد المحدودة على ادعاءات النظام السوري، لكنها لم تستجب لهذه التوصيات، واستمرت في التحقيق بهجوم اليرموك السابق، والذي ثبت فيه أيضاً خداع النظام السوري وتبديده لجهد ووقت وموارد المنظمة.
وكان فريق التحقيق وتحديد المسؤولية في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والذي تتضمن ولايته تحديد الجهة المسؤولة عن استخدام الأسلحة الكيماوية في الهجمات التي أثبتت بعثة تقصي الحقائق استخدام الأسلحة الكيماوية فيها بإصدار أربعة تقارير حيث أصدر تقريره الأول في 8 نيسان 2020 ، والذي خلص إلى أن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيماوية في 3 حوادث مختلفة في مدينة اللطامنة، وقد أصدرنا بياناً في هذا الخصوص، ثم أصدر تقريره الثاني في 12 نيسان 2021والذي خلص إلى أن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيماوية في الهجوم على مدينة سراقب في 4 شباط 2018 ، وقد أصدرنا بياناً في هذا الخصوص. فيما أصدر تقريره الثالث في 27 كانون الثاني 2023 ، والذي خلص إلى مسؤولية النظام السوري عن هجوم دوما الكيماوي في 7 نيسان2018 ، وقد أصدرنا بياناً في هذا الخصوص. وأصدر تقريره الرابع في 23 شباط 2024 ، والذي خلص إلى تنفيذ تنظيم داعش هجوماً على مدينة مارع في محافظة حلب في 1 أيلول2015 ، وقد أصدرنا بياناً في هذا الخصوص.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد وقَّعت في كانون الثاني من عام 2020 وثيقة مبادئ التعاون مع فريق التحقيق وتحديد مسؤولية الهجمات (IIT) في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية (OPCW) كما تشارك البيانات من أجل المساهمة في التحقيقات في الحوادث التي يقوم بها الفريق حالياً وفي المستقبل، وتعتبر أحد المصادر الأساسية في التقارير الصادرة عنه، وذلك كون الشبكة السورية لحقوق الإنسان تمتلك قاعدة بيانات واسعة عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا.
وقد وثَّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تنفيذ النظام السوري 217 هجوماً كيماوياً على المحافظات السورية منذ أول استخدام موثَّق لدينا لهذا الساح في23 كانون الأول 2012 حتى 23 شباط 2024 ، تسبَّبت في مقتل 1514 شخصاً يتوزعون إلى:
1413 مدنياً بينهم 214 طفلاً و 262 سيدة )أنثى بالغة).
94 من مقاتلي المعارضة المسلحة.
7 أسرى من قوات النظام السوري كانوا في سجون المعارضة المسلحة.
كما تسبَّبت في إصابة 11080 شخصاً بينهم 5 أسرى من قوات النظام السوري كانوا في سجون المعارضة المسلحة.
بينما وثقت الشبكة تنفيذ تنظيم داعش 5 هجمات كيماوية منذ تأسيسه في 9 نيسان 2013 حتى 23 شباط2024 ، كانت جميعها في محافظة حلب، تسببت في إصابة 132 شخصاً.