تلفزيون سوريا
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي للصحافة تقريراً طالبت فيه بالإفراج عن 422 مواطناً صحفياً في سوريا معظمهم لدى النظام ومهددون بوباء كوفيد-19، مشيرة إلى مقتل 707 من المواطنين الصحفيين منذ آذار/ 2011 حتى اليوم، 78 % منهم على يد قوات النظام.
ووصف التقرير الذي جاء في 20 صفحة كيف استشعر نظام الأسد خطر حرية الصحافة على حكمه الاستبدادي منذ عقود، وألغى الصحف المستقلة كلها، وأبقى على ثلاث صحف رسمية فقط تنطق باسم النظام وتدافع عنه وتبرر أفعاله، مشيراً إلى أنه ليس من المبالغة أبداً القول بأنه لا يوجد شيء اسمه صحافة حرة لدى النظام على الإطلاق.
وذكر التقرير كيف ازدادت حدة النظام تجاه الصحافة والإعلام الحر بشكل كبير جداً بعد اندلاع الحراك الشعبي في آذار/ 2011، وعزا بروز فكرة وأهمية “المواطن الصحفي” لتكرار حوادث الانتهاكات وتوسُّعها في مختلف المناطق السورية بالتوازي مع انتشار الحراك الشعبي المطالب بالتغيير السياسي.
وأكد التقرير أن الانتهاكات بحق المواطن الصحفي لم تقتصر على النظام على الرغم من كونه المرتكب الرئيس لها، لكنها امتدت لتشمل جميع أطراف النزاع، وبشكل خاص عند فضح انتهاكات سلطات الأمر الواقع.
وحمَّل التقرير النظام “المسيطر على الدولة السورية”، المسؤولية الأكبر فيما وصلت إليه سوريا من أسوأ التصنيفات على مستوى العالم -فيما يخص حرية الصحافة والعمل الإعلامي-، وتشويه صورة سوريا والشعب السوري، واعتبره المرتكب الأكبر للانتهاكات بحق المواطنين الصحفيين متفوقاً بفارق شاسع عن بقية أطراف النزاع، كما ذكر أن القوات الروسية تعتبر من الناحية العملية موالية وداعمة لانتهاكات النظام، لذلك فهي تتحمل مع النظام مسؤولية 85 %من الانتهاكات بحق المواطنين الصحفيين.
مقتل 707 من المواطنين الصحفيين منذ آذار/ 2011.. 78 بالمئة منهم على يد النظام
بحسب التقرير فقد قتل 707 مواطنين صحفيين، بينهم 7 أطفال، و6 سيدات (أنثى بالغة)، وذكر التقرير أن من بينهم 9 من الصحفيين الأجانب، و52 قتلوا بسبب التَّعذيب، إضافة إلى إصابة ما لا يقل عن 1563 بجراح متفاوتة، على يد أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى أيار/ 2020.
ووزَّع التقرير حصيلة الضحايا على أطراف النزاع الرئيسة، وكان النظام مسؤولاً عن مقتل 551 مواطناً صحفياً بينهم 5 أطفال، و1 سيدة، و5 صحفيين أجانب، و47 بسبب التعذيب داخل مراكز الاحتجاز، في حين أن القوات الروسية كانت مسؤولة عن مقتل 22 مواطناً صحفياً، وقتل تنظيم الدولة 64بينهم 1 طفلاً، و2 سيدة و3 صحفيين أجانب، و3 بسبب التعذيب. كما قتلت هيئة تحرير الشام 8 بينهم 2 قضَوا بسبب التعذيب، وكانت فصائل في المعارضة المسلحة مسؤولة عن مقتل 25 مواطناً صحفياً بينهم 1 طفلاً، و3 سيدات.
وذكر التقرير أن قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية قتلت 4 مواطنين صحفيين في حين قتلت قوات التحالف الدولي مواطناً صحفياً واحداً، وتم تسجيل مقتل 32 على يد جهات أخرى، بينهم 1 صحفياً أجنبياً قتل على يد قوات حلف عملية نبع السلام (القوات التركية وقوات الجيش الوطني السوري).
الصحفيون المعتقلون والمخطوفون
وطبقاً للتقرير فإن ما لا يقل عن 1169 حالة اعتقال وخطف بحق مواطنين صحفيين ارتكبتها الأطراف الرئيسة الفاعلة في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى أيار/ 2020، وما يزال بحسب التقرير ما لا يقل عن 422 بينهم 3 سيدات و17 صحفياً أجنبياً قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري حتى أيار 2020، بينهم 353 مواطناً صحفياً بينهم 2 سيدة، و4 صحفيين أجانب ما يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى قوات النظام، و 48بينهم 1 سيدة، و8 صحفييين أجانب كان قد اعتقلهم تنظيم الدولة ولا يزالون قيد الاختفاء القسري حتى لحظة إصدار التقرير، وبحسب التقرير فإن 12 مواطناً صحفياً بينهم 5 صحفييين أجانب ما يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى فصائل في المعارضة المسلحة، و6 آخرين لدى قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية، فيما لا يزال 3 من المواطنين الصحفيين قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى هيئة تحرير الشام.
استبيان حول مسيرة المواطن الصحفي في النزاع السوري
واستعرض التقرير مسحاً استقصائياً مصغَّراً مع 64 مواطناً صحفياً بينهم خمس نساء، كشف جانباً من مسيرة المواطن الصحفي في النزاع السوري وأظهر المسح أن 87 % من هذه العينة هي نسبة من عمل كمواطن صحفي منذ الأشهر الأولى للحراك الشعبي، أما نسبة الذين لا يحملون شهادة أكاديمية من معهد أو كلية صحافة فقد بلغت 96 %، وبلغت نسبة الذين يستخدمون اسماً مستعاراً 63 %، في حين بلغت نسبة من تعرض منهم للملاحقة والتضييق من قبل القوى المسيطرة في المناطق التي عملوا فيها 76 %، وكانت نسبة من تعرض منهم للاعتقال على خلفية عمله كمواطن صحفي قد بلغت 54 %، ونسبة من حذف أو أتلف مواده الصحفية لأسباب أمنية وصلت إلى 32 %، وبلغت نسبة من فرَّ خارج سوريا حفاظاً على سلامته 30 %، أما نسبة من يُشكل العمل كمواطن صحفي مصدر دخل كلي أو جزئي له فقد وصلت إلى 68 %.
وأوضح التقرير أنَّ النظام يستخدم الإعلام الحكومي كسلاح حرب بما في ذلك المسلسلات الفنية، كما أشار إلى أن الإعلام الروسي والإيراني وحزب الله اللبناني قد تبنى رواية النظام السوري وبَّرر كامل جرائمه كما أنكر كلَّ الجرائم التي قامت بها القوات الروسية والإيرانية وحزب الله في سوريا ولم يأتِ على ذكر أيٍّ منها وكأنها لم تحدث.
وأبدى التقرير تخوُّفه على مصير 353 مواطناً صحفياً معتقلاً لدى النظام مع احتمال واسع لانتشار فيروس كورونا المستجد لا سيما في ظلِّ ظروف اعتقال غاية في السوء واللاإنسانية.
واستعرض التقرير القوانين الدولية الضابطة لحقوق المواطنين الصحفيين كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2222 الذي دانَ فيه الهجمات وأعمال العنف بحقِّ الصحفيين والإعلاميين والأفراد المرتبطين بوسائل الإعلام في النِّزاع المسلَّح.
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من انحسار المساحة التي تشهد عمليات قتالية خلال العام المنصرم واعتزال العديد من المواطنين الصحفيين العمل الإعلامي بسبب التضييقات أو الهجرة، فإنَّ سوريا بقيت من الدول الأكثر فتكاً بالمواطنين الصحفيين، حيث احتلت المرتبة الأولى على مستوى العالم من حيث حصيلة الضحايا الصحفيين الذين قتلوا في عام 2019 وفق تقرير أصدرته لجنة حماية الصحفيين في 17/ كانون الأول/ 2019، كما قبعت سوريا في المركز 174 (من أصل 180 بلداً) للعام الثاني على التوالي حسب التَّصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2020، الذي نشرَته منظمة مراسلون بلا حدود.
طالب التقرير مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار للمطالبة بالإفراج الفوري عن المواطنين الصحفيين كافة، لدى جميع الأطراف وبشكل خاص لدى النظام السوري الذي يعتقل الغالبية العظمى منهم، كما قدم توصيات إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة والمؤسسات الإعلامية العربية والدولية، وطالب النظام السوري والقوى المسيطرة كافة بالإفراج الفوري عن جميع المواطنين الصحفيين، والكشف عن مصير المختفين قسرياً منهم.