حصلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان على صور أقمار صناعية تكشف عن حجم الدمار الهائل الذي تعرضت له مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي.
وأشارت الشبكة إلى أن هدف روسيا والنظام تطبيق نموذج “غروزني” والغوطة الشرقية وتدمير أكبر قدر ممكن من البنية التحتية.
وقالت الشبكة في تقرير إن َّحجم دمار مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي ومساحته، تُشبه إلى حدٍّ كبير ما تعرضت له غوطة دمشق الشرقية بين شباط ونيسان 2018، وقبلها أحياء حلب الشرقية نهاية عام 2016.
وأوضح التقرير أن عملية التدمير الواسعة عبر القصف الجوي المكثف ليست فوضوية بل إنها عملية مدروسة وتهدف إلى تدمير أكبر قدر ممكن من المباني والمنشآت؛ بهدف تأديب سكان تلك المناطق وإجبارهم على دفع أعظم ثمن ممكن في ظلِّ إفلات تام من العقاب مستمر منذ سنوات عدة حتى الآن.
وبحسب التقرير فإن القصف الجوي مسؤول عن 70 % من إجمالي الدمار الحاصل في سوريا، وسلاح الجو لا يملكه سوى النظام وروسيا، كما تمتلكه قوات التحالف الدولي، إلَّا أنَّ الدمارَ الناتج عن القصف الجوي لقوات التحالف الدولي لا يُقارن مطلقاً بما أحدثَه القصف الجوي لقوات النظام وروسيا.
وأدى القصف إلى تضرَّر قرابة 3.1 ملايين مسكن بشكل جزئي أو كامل، وخسارة ملايين من السوريين مساكنهم، والسكن بالنسبة لكثير من السوريين يعني خسارة ربع قرنٍ من العمل بهدف تحصيل مسكن، وقسم كبير منهم توارثه عبر الأجيال.
وطبقاً للتقرير فقد تعمَّدت قوات النظام وروسيا منذ بدء الحملة العسكرية الأخيرة في 26 نيسان 2019 قصف وتدمير أكبر قدر ممكن من المساكن، وخاصة المنشآت الحيوية الواقعة في منطقة خفض التصعيد الرابعة (المؤلفة من محافظة إدلب وأجزاء من محافظات حماة وحلب واللاذقية)، وفي الجزء الجنوبي منها على وجه الخصوص؛ ذلك لمحاذاته مناطق سيطرة قوات النظام.
وأثبت التقرير أن قوات الحلف الروسي السوري دمرت عشرات آلاف المباني السكنية في الأشهر الأخيرة في منطقة خفض التصعيد الرابعة شمال غرب سوريا، ذلك عبر عمليات قصف عشوائية ومكثفة وواسعة ومستمرة، وبشكل خاص باستخدام سلاح البراميل المتفجرة، واستعرض التقرير صور أقمار صناعية لمدينة خان شيخون كنموذج، وما حلَّ بها يُشبه ما شهدته بقية البلدات والمدن الأخرى مثل اللطامنة وكفر زيتا وكفر نبودة وغيرها.
وسجلت الشبكة منذ بدء الحملة العسكرية الأخيرة في 26 نيسان 2019 حتى 15 أيلول 2019 ما لا يقل عن 24 هجوماً بالذخائر العنقودية، 12 منها نفذَّها النظام، و3 نفذتها القوات الروسية، إضافة إلى ما لا يقل عن 21 هجوماً بأسلحة حارقة جميعها على يد النظام.
وطبقاً للتقرير فقد استخدمت قوات النظام صواريخ مسمارية في 7 هجمات على الأقل بينما ألقت مروحيات النظام والمقاتلات الحربية ما لا يقل عن3420 برميلاً متفجراً إضافة إلى استخدام النظام أسلحة كيميائية في هجوم واحد على قرية الكبينة بريف اللاذقية.
وسجل التقرير على صعيد استهداف المراكز الحيوية المدنية 450 حادثة اعتداء على يد قوات الحلف الروسي السوري منذ 26 من نيسان حتى 15 أيلول 2019 من بينها: 109 على أماكن عبادة، و125 على مدارس، و56 على منشآت طبية، و21 على أسواق، و43 على مراكز للدفاع المدني، أما المباني السكنية العادية فقد استند التقرير إلى صور الأقمار الصناعية والصور والمقاطع المصورة الأرضية التي تم الحصول عليها.
وأظهرت أن قرى وبلدات كاملة قد سُويت بالأرض تماماً مثل قرية جبين في ريف محافظة حماة، وعبر عملية استقرائية تقريبية تم تعميمها على بقية الأحياء التي لم يتم الحصول على صور ومقاطع مصورة لها، قدَّر التقرير أنَّ هناك عشرات آلاف المباني السكنية ما بين متضرر أو مدمر بشكل كامل أو شبه كامل.
وحدَّد التقرير استناداً إلى صور ملتقطة بالأقمار الصناعية في 2 آب 2019 لمدينة خان شيخون قرابة 220 نقطة تعرضت فيها مبانٍ لدمار كبير مشيراً إلى أن قرابة 35 % من مساحة المدينة مدمرة بشكل كامل، وأن 40 % منها مدمرة بشكل جزئي، أي أن قرابة 75 % من مباني المدينة مدمرة بشكل جزئي أو كامل.
وأوضح التقرير أن عمليات القصف التي استهدفت منطقة خفض التصعيد الرابعة منذ 26 نيسان تسبَّبت في مقتل 1012 مدنياً، بينهم 272 طفلاً، و171 سيدة (أنثى بالغة) على يد قوات النظام وروسيا، وكذلك في تشريد قرابة 630 ألف مدني بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إضافة إلى تراكم ما لا يقل عن نصف مليون شخص من طالبي اللجوء على الحدود التركية.
أكد التقرير أن عمليات النزوح الأخيرة هي الأسوأ منذ بداية الحراك الشعبي، على صعيد الاستجابة الإنسانية؛ نظراً للكم الكبير جداً من المشردين داخلياً، وعجز المنظمات المحلية والدولية الإنسانية عن الاستجابة لكل هؤلاء من ناحية ثانية ولا تزال الاستجابة الدولية لا تلبي 10 % من تلك الاحتياجات الأساسية، وهي غير متَّسقة بتاتاً مع حجم التدفق البشري والكارثة التي حلَّت بهؤلاء النازحين.