نشرت منظمة حقوقية صورا التقطتها الأقمار الصناعية؛ تُثبت حجم الدمار الذي تعرضت له مدينة خان شيخون، بريف إدلب الجنوبي، والتي سيطر عليها النظام السوري وحلفاؤه الشهر الماضي.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير حديث لها؛ إن “هدف الحلف الروسي السوري تطبيق نموذج غروزني والغوطة الشرقية، وتدمير أكبر قدر ممكن من المباني لتأديب المجتمع السوري”.
وأوضح التقرير أنه استناداً إلى هذه الصور فإن حجم الدمار في خان شيخون يشبه إلى حدٍّ كبير ما تعرضت له غوطة دمشق الشرقية بين شباط/ فبراير ونيسان/ أبريل 2018، وقبلها أحياء حلب الشرقية نهاية عام 2016، مؤكدا أن “عملية التدمير الواسعة عبر القصف الجوي الكثيف ليست فوضوية، بل إنها عملية مدروسة وتهدف إلى تدمير أكبر قدر ممكن من المباني والمنشآت؛ بهدف تأديب سكان تلك المناطق وإجبارهم على دفع أعظم ثمن ممكن في ظلِّ إفلات تام من العقاب مستمر منذ سنوات عدة حتى الآن”.
وذكر التقرير الذي جاء في 17 صفحة؛ أنَّ القصف الجوي مسؤول عن 70 في المئة من إجمالي الدمار الحاصل في سوريا، “وسلاح الجو لا يملكه سوى النظام السوري وروسيا، كما تمتلكه قوات التحالف الدولي، إلَّا أنَّ الدمارَ الناتجَ عن القصف الجوي لقوات التحالف الدولي لا يُقارن مطلقاً بما أحدثَه القصف الجوي لقوات النظام السوري وروسيا”، وفق التقرير.
وفي المجمل، فقد تضرَّر قرابة 3.1 ملايين مسكن بشكل جزئي أو كامل في سوريا، “وبالتالي خسر ملايين من السوريين مساكنهم، والسكن بالنسبة لكثير من السوريين يعني خسارة ربع قرنٍ من العمل بهدف تحصيل مسكن، وقسم كبير منهم توارثه عبر الأجيال”.
وطبقاً للتقرير، فقد تعمَّدت قوات الحلف الروسي السوري منذ بدء الحملة العسكرية الأخيرة في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي، في 26 نيسان/ أبريل 2019، وحتى 15 أيلول/ سبتمبر الجاري، قصف وتدمير أكبر قدر ممكن من المساكن، وخاصة المنشآت الحيوية الواقعة في منطقة خفض التصعيد الرابعة (المؤلفة من محافظة إدلب وأجزاء من محافظات حماة وحلب واللاذقية)، وفي الجزء الجنوبي منها على وجه الخصوص؛ لمحاذاته مناطق سيطرة قوات النظام السوري.
واستعرض التقرير صور أقمار صناعية لمدينة خان شيخون كنموذج، موضحا أن ما حلَّ بالمدينة يُشبه ما شهدته بقية البلدات والمدن الأخرى القريبة، مثل اللطامنة وكفر زيتا وكفر نبودة وغيرها.
وإلى جانب آلاف الصوارخ والقنابل التي ألقتها الطائرات الروسية أو البراميل المتفجرة التي ألقتها طائرات النظام السوري، فقد سجل التقرير استخدام أسلحة كيمائية في حالة واحدة على الأقل، وذلك في قرية الكبينة بريف اللاذقية. كما أن “قوات الحلف الروسي السوري استخدمت أسلحة عشوائية عديمة التمييز وشديدة التدمير، كما استخدمت أسلحة محرَّمة، كالذخائر العنقودية والأسلحة الكيميائية”.
وأظهرت الصور أن قرى وبلدات كاملة قد سويت بالأرض تماماً، مثل قرية جبين في ريف محافظة حماة، وعبر عملية استقرائية تقريبية تم تعميمها على بقية الأحياء التي لم يتم الحصول على صور ومقاطع مصورة لها، قدَّر التقرير أنَّ هناك عشرات آلاف المباني السكنية ما بين متضرر أو مدمر بشكل كامل أو شبه كامل.
واستعرض التقرير السياق التاريخي لمدينة خان شيخون التي تم التركيز عليها كدراسة حالة وتحليل حجم الدمار الذي تعرضت له منذ خروجها عن سيطرة النظام السوري في أيار/ مايو 2014.
ووفق الصور الملتقطة في 2 آب/ أغسطس الماضي، فإن قرابة 35 في المئة من مساحة خان شيخون مدمرة بشكل كامل، و40 في المئة مدمرة بشكل جزئي.
وأوضح التقرير أن عمليات القصف التي استهدفت منطقة خفض التصعيد الرابعة، منذ 26 نيسان/ أبريل الماضي، تسبَّبت في مقتل 1012 مدنياً، بينهم 272 طفلاً، و171 سيدة (أنثى بالغة) على يد قوات قوات النظام السوري وروسيا، وكذلك في تشريد قرابة 630 ألف مدني، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إضافة إلى تراكم ما لا يقل عن نصف مليون شخص من طالبي اللجوء على الحدود التركية.
وأكد التقرير أن “عمليات النزوح الأخيرة هي الأسوأ منذ بداية الحراك الشعبي، على صعيد الاستجابة الإنسانية؛ نظراً للكم الكبير جداً من المشردين داخلياً، وعجز المنظمات المحلية والدولية الإنسانية عن الاستجابة لكل هؤلاء من ناحية ثانية ولا تزال الاستجابة الدولية لا تلبي 10 في المئة من تلك الاحتياجات الأساسية”.
وأوصى التقرير بـ”إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النِّظام الروسي، بعد أن ثبتَ تورطُّه في ارتكاب جرائم حرب (..) وتطبيق مبدأ مسؤولية حماية المدنيين”، وتوسيع العقوبات عل النظام السوري وحلفائه.