كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن وجود قرابة 4247 مختفياً في محافظة الرقة بحاجة إلى الكشف عن مصيرهم، وأن بعضهم قد يكونون ضمن المدفونين في عدد من المقابر الجماعية، وشددت على أن تحديد هوية الجثث في تلك المقابر مسؤولية دولية.
وأوضحت الشبكة، في تقرير مفصل اليوم الخميس، أنه خلال معركة “غضب الفرات” التي جرت بين نوفمبر/تشرين الثاني 2016 وأكتوبر/تشرين الأول 2017، “قتل قرابة 2323 مدنياً في محافظة الرقة، بينهم 543 طفلاً و346 سيدة، ومعظمهم قتل على أيدي مليشيا قوات سورية الديمقراطية (قسد) وقوات التحالف الدولي، ودفنهم ذووهم في الحدائق والملاعب، وفي أفنية المنازل بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى مقبرة (تل البيعة) نتيجة الحصار الذي فرضته المليشيا على الرقة، فضلا عن موقع المقبرة المكشوف الأمر الذي قد يجعلهم عرضةً للاستهداف”.
وقال مدير الشبكة، فضل عبد الغني، إنه “على وكالة البحث عن المفقودين التي تديرها اللجنة الدولية للصليب الأحمر البدء بالمساعدة في البحث عن آلاف المفقودين في سورية، ومحاولة الكشف عن مصيرهم، وتقديم الخبرات والدعم اللوجستي للمجتمع والمنظمات المحلية، وخصوصا في مناطق شمال شرقي سورية. المساهمة الدولية الفاعلة يمكن أن تساعد في تحديد مصير عشرات آلاف المختفين”.
وأكَّد التقرير أنَّ “القسم الأعظم من الجثث الموجودة في المقابر الجماعية يعود إلى ضحايا قتلوا على يد “قسد” وقوات التَّحالف الدولي بعد سيطرة تنظيم داعش على محافظة الرقة، إلا أن هناك احتمالية وجود أشخاص قتلوا من قبل “داعش”، ودفن التنظيم جثثهم في هذه المقابر، أو أنهم ضحايا من الرهائن الذين اعتقلهم داعش خلال معاركه مع فصائل المعارضة المسلحة، ونقل التنظيم بعضاً من جثثهم بعد تصفيتهم إلى هذه المقابر، أو أنهم أفراد من مقاتلي التنظيم قتلوا خلال الاشتباكات أو نتيجة غارات التحالف الدولي”.
وأشار التقرير إلى احتمالية أن الجثامين تعود إلى “أفراد من قوات النظام السوري اعتقلهم داعش ثم أعدمهم، أو أشخاص مدنيين أو مقاتلين اعتقلوا من قبل قوات النظام عندما كان مُسيطراً على المحافظة، أو من قبل فصائل المعارضة المسلحة عند سيطرتها عليها، أو من قبل داعش. إضافة إلى جميع ما سبق، فالمقابر الجماعية تضم جثثاً لمدنيين توفوا وفاة طبيعية، وتضم جثث أطفال خُدَّج توفوا بعد الولادة”.
ووفقاً للتقرير فقد قتل النظام السوري 1829 مدنياً، في حين قتلت القوات الروسية 241، وقتل تنظيم داعش 942، بينما قتل ثلاثة مدنيين على يد فصائل المعارضة المسلحة، فيما قتلت “قسد” 308 مدنيين، أما قوات التحالف الدولي فقتلت 1133 مدنياً، وقتل ما لا يقل عن 367 مدنياً على يد جهات أخرى.
وأشار إلى وجود ما لا يقل عن 4247 مختفيا من أبناء محافظة الرقة بينهم 219 طفلاً، و81 سيدة ما يزالون قيد الاختفاء القسري على يد الأطراف الرئيسة الفاعلة في سورية منذ مارس / آذار 2011 حتى ذات الشهر من عام 2019، منهم 1712 شخصاً اختفوا على يد قوات النظام السوري، و2125 شخصاً على يد داعش، و288 شخصاً على يد “قسد”، و122 على يد فصائل المعارضة المسلحة.
وأوضح التقرير أن سلطات الأمر الواقع وهي “قوات سورية الديمقراطية”، لم تتَّخذ جميع التدابير الممكنة لجعل هذه العملية تتم على نحو يضمن حفظ الأدلة وصونَ حقوق الضحايا، والكشف عن مرتكبي الانتهاكات، وكذلك إدراك حجم الضَّرر والعنف الذي تعرَّضت له المحافظة، وتتحمَّل القوات العسكرية المسيطرة المسؤولية الرئيسة والمباشرة عن كل هذه الأفعال وتداعياتها.
كما طالب قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بتقديم مزيد من الدعم اللوجستي والمادي لعملية استخراج الجثث، والضَّغط على “قسد” لتخصيص قسم أكبر من الموارد المادية في هذا الخصوص؛ حتى لا تعتبر هذه العملية لاحقاً بمثابة تلاعب بالرفات وطمس لأدلة، واتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية الجثث وبذل كل الجهود لتحديد هوية القتلى وتوفير الدَّفن المناسب في قبور تحمل علامات واضحة.
وأكد على ضرورة إنشاء مختبر يمكن فيه جمع العينات المأخوذة من الجثث لمقارنتها مع عينات من عائلات المفقودين، وإنشاء سجل عام مركزي للمفقودين، والمساهمة في الإسراع بعملية إزالة الألغام التي تؤثِّر بشكل كبير على عودة المدنيين إلى مدينة الرقة وعلى عملية استخراج الجثث.
وحثَّ المفوضية السامية لحقوق الإنسان على تسليط الضوء على موضوع المقابر الجماعية ومتابعة ما يجري من عمليات نبش واستخراج للجثث، وإصدار تقرير يوضِّح موقفها من هذه العمليات ويُصدر توصيات إلى مجلس الأمن الدولي للتَّحرك لكشف هوية عشرات آلاف السوريين المختفين.
وطالب التقرير اللجنة الدولية لشؤون المفقودين بعقد ورشة تدريبية لفريق الاستجابة الأولية المحلية لتزويدهم بالخبرات اللازمة، وبذل كل جهد ممكن للمساعدة في تحديد هوية المفقودين والمختفين، وتفعيل عمل الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين في سورية بشكل أكبر، وفي أسرع وقت ممكن.