تقرير: النظام السوري يستخدم إصدار جوازات السفر لتمويل الحرب وإذلال المعارضين

2019تقرير: النظام السوري يستخدم إصدار جوازات السفر لتمويل الحرب وإذلال المعارضين

قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن النظام السوري يستخدم إصدار جوازات السفر لـ”تمويل الحرب وإذلال معارضيه”، وأضافت أنه “وظّف مؤسسات الدولة بمختلف أشكالها لقمع الثورة، ولم يستثنِ مؤسسة الهجرة والجوازات، التي تضخَّم دورها على غرار عدد كبير من المؤسسات، وأصبحت تلعب دوراً أمنياً وسياسياً، وباتت ممارسات كل تلك المؤسسات تدور في فلك دوامة ابتزاز ونهب أموال المجتمع السوري بهدف إضعافه وإذلاله”.
وأوضحت الشبكة، في تقرير صدر عنها اليوم الإثنين، أن النظام “استخدم تلك الأموال في
استمرار الحرب المفتوحة ضدَّ كل من طالب بعملية انتقال سياسي حقيقي وتغيير نحو الديمقراطية”، وأشار إلى أن استمرار واتساع حجم وكمّ الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري “ولّد حاجة ماسّة لدى أفراد المجتمع السوري للسّفر خوفاً على حياتهم وأمنهم، ما دفع الملايين من المواطنين السوريين داخل سورية لاستصدار جوازات سفر، ومن ناحية أخرى فإنّ المواطنين السوريين خارج الدولة بحاجة مستمرة دورية لتجديد جوازات سفرهم”.

وأضاف التقرير أنّ “إصدار جواز السّفر في سورية مرّ عبر مرحلتين، تحكَّمت فيها المافيات واستغلها النظام لزيادة موارده المالية، أما المرحلة الأولى فامتدت منذ بداية الحراك الشعبي حتى إبريل/ نيسان 2015، واتّبع النظام فيها سياسة مزدوجة، فقام من ناحية بفرض الحصول على ورقة موافقة من الأفرع الأمنية لكلّ من يرغب بالحصول على جواز سفر داخل أو خارج سورية، وحُرِم بالتالي جميع من لاحقته الأجهزة الأمنية إثر مشاركته في الحراك الشعبي، وجميع المعارضين في الخارج من الحصول على الجواز، إلا أنّه من ناحية أخرى فتح لهم فرصة الحصول عليه عن طريق شبكات مافيوية مقابل مبالغ مالية طائلة قد تصل في بعض الأحيان إلى خمسة آلاف دولار أميركي”.

وبيّن أنّ المرحلة الثانية كانت عقب إصدار النظام المرسوم التشريعي رقم 17 لعام 2015 الذي سُمِح بموجبه بإصدار جوازات سفر لجميع السوريين داخل وخارج البلاد، ومن دون تمييز بين معارض للنظام أو موالٍ له، كما شمل الذين غادروا البلاد بصورة غير شرعية، ثم طرأت عليه تعديلات فرضها المرسوم رقم 18 لعام 2017 وحدَّد الرسم القنصلي عند منح أو تجديد جواز أو وثيقة سفر للمواطنين السوريين، ومن في حكمهم الموجودين خارج الجمهورية العربية السورية، بشكل فوري ومستعجل -أي في غضون ثلاثة أيام عمل- بمبلغ 800 دولار أميركي، ووفقاً لنظام الدور -أي في غضون 10 إلى 21 يوم عمل- بمبلغ 300 دولار.

وبحسب التقرير فإنَّ هذه الكلفة المادية المرتفعة التي فرضها النظام السوري على إصدار جواز السفر وتجديده “مرتفعة جداً وهي الأعلى في العالم”.

كما أشار إلى أنّ أقصى مدة صلاحية لجواز السفر لمعارضي النظام، وبالتالي المطلوبين أمنياً، لا تتجاوز عامين اثنين، وأنّ كثيراً من الدول وشركات الطيران تشترط مدة صلاحية ستة أشهر على الأقل للسماح بالسفر، أي أنَّ مدة جواز السفر عملياً هي عام ونصف العام، كما أن عدداً كبيراً من السوريين يُقيم في مدن أو دول ليسَ فيها قنصليات سورية، الأمر الذي يضطر المواطنَ إلى السفر وحجز رحلة طيران وإقامة فندقية، ويضطرُّ أيضاً للجوء إلى الحصول على الجواز المستعجل، أي أنَّه يدفع 800 دولار أميركي، إضافة إلى المصاريف الأخرى ليحصل في النهاية على جواز سفر تم تصنيفه من قبل موقع “passport index” على أنه “رابع أسوأ جواز سفر عالمياً”.

وذكر التقرير أنّ المواطن السوري يواجه انتهاكات إضافية في أثناء معاملات استخراج جواز السفر، إضافة إلى الكلفة المادية المرتفعة، حيث لا تزال أجهزة الأمن تشترط حصوله على موافقة أمنية، ويخضع كل مُتقدّم للحصول على جواز سفر إلى عملية تدقيق ومطابقة مع قوائم الملاحقين والمطلوبين، وهم بشكل أساسي جميع من ساهم في الحراك الشعبي نحو الديمقراطية.
ووفق قاعدة بيانات الشبكة السورية، ذكر التقرير أنّ النظام اعتقل ما لا يقل عن 1249 شخصاً، بينهم ثمانية أطفال، و138 سيدة منذ مارس/ آذار 2011 حتى يناير/ كانون الثاني 2019، ذلك أثناء وجودهم لإجراء معاملاتهم في دوائر الهجرة والجوازات في عدة محافظات سورية، منهم قرابة 703 حالات تم اعتقالها من داخل دائرة الهجرة والجوازات في مدينة دمشق وحدها.

ولفت إلى أنَّ المواطنين السوريين خارج سورية أيضاً يعانون من أنماط عدة من الانتهاكات، حيث استغلَّ النظام عدم وجود أي بديل عن جواز السفر الصَّادر عنه، وعمل على ابتزاز السوريينَ لتحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال ومن الشرعية السياسية، وتحقيق أكبر قدر ممكن من ممارسات الإذلال وانتهاك كرامة المواطنين، واستعرض نماذج على ذلك في دول عدة.

العربي الجديد