المدن
رجحت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وقوف “هيئة تحرير الشام” (النصرة سابقاً) وراء حادثة اغتيال الناشطين الإعلاميين رائد فارس وحمود جنيد في مدينة كفرنبل بريف إدلب، قبل أيام.
وحللت الشبكة في تقرير، الأربعاء، أدلة ومعلومات مرتبطة بحادثة الاغتيال، واعتمدت بذلك على الشخص الوحيد الناجي من العملية، الناشط علي الدندوش، إلى جانب عدد من شهود عيان من مدينة كفرنبل، مستعرضة 3 روايات تم الحصول عليها عبر حديث مباشر مع الشهود.
وأوضحت الشبكة أنها تمكنت من جمع صور للسيارة بعد استهدافها، إضافة إلى خريطة لسير السيارة التي كان يقودها فارس، مضيفة أن سيارة رمادية اللون نوع “فان”، طاردت سيارة الناشطين أثناء توجههما من مكتب “اتحاد المكاتب الثورية” باتجاه منطقة السوق، وأطلقوا النار عليها بعد توقفها أمام منزل كانوا يذهبون إليه. وبعد تنفيذ العملية انسحب المسلحون على الفور، وتجمع أهالي المدينة على صوت إطلاق الرصاص وحاولوا إسعاف الفارس وحمود، بينما نجا الشخص الثالث الذي كانوا برفقتهم بعد احتمائه في المقعد الخلفي للسيارة.
وبحسب التقرير، نفذ المخططون عملية الاغتيال الحادثة أثناء وجود معظم الأهالي في المساجد لأداء صلاة الجمعة، الأمر الذي يسهل عليهم التحرك في المدينة وإتمام العملية من دون إمكانية الوصول إلى هويتهم. علماً أن السيارة بعد تنفيذ العملية توجهت شرقاً، ومن ثم باتجاه وسط المدينة وفقد أثرها بعد ذلك، مع الإشارة إلى أن “هيئة تحرير الشام” تضع حواجز لها على المداخل الشمالية والغربية للمدينة، فيما لا يوجد حواجز على الجهة الجنوبية والشرقية.
وقالت الشبكة أن “هيئة تحرير الشام” هي الجهة المسيطرة بشكل كامل على كفرنبل، وبالتالي هي التي تتحمل مسؤولية حماية أهلها أولاً، ولم يصدر عنها أي تنديد أو تحقيق بحادثة الاغتيال. وأضافت: “حتى الآن ومن خلال حديثنا مع عدد كبير من الأهالي، ومع الناجي الوحيد وما تم سوقه من معلومات فإن تحرير الشام هي الأغلب الجهة التي قامت باغتيال الفارس وحمود”.
وقال الناجي الوحيد، علي الدندوش، أنه لم يتعرف على أي شخص ممن أقدموا على عملية الاغتيال. وأضاف: “منذ شهرين وبعد اعتقال المحامي ياسر السليم بتنا ننام، مع الفارس وحمود، في أماكن متعددة ونتخفى قدر المستطاع احترازاً من أن يتم استهدافنا”. مشيرة إلى أن الفارس كان موقناً أن “هيئة تحرير الشام” لن تعتقله بل ستقتله، وكانت تصله تهديدات شبه يومية عبر اتصالات هاتفية من أرقام مجهولة تهدده بالقتل.
إلى ذلك، قال محمود الفارس، ابن رائد، للشبكة، أن والده تلقى تهديدات عديدة بالقتل من “هيئة تحرير الشام”، كان آخرها قبل أسبوع من اغتياله، لكن رائد لم يهتم بالموضوع كعادته “فقد كان موقناً أن نهايته القتل. لم يكن لوالدي خصوم غير النظام السوري وأتباعه”.
وكان الفارس مديراً لراديو “فريش” المحلي في كفرنبل، والذي ينتقد الجماعات المتشددة ومن بينها “هيئة تحرير الشام”، وشغل أيضاً مدير “اتحاد المكاتب الثورية”، بينما عمل جنيد مصوراً وثق أحداث الثورة والانتهاكات في إدلب على مدار سبع سنوات. علماً أن “جبهة النصرة” اعتقلت الفارس والناشط الإعلامي هادي العبدالله، بعد اقتحام مقر راديو “فريش”، في 10 كانون الثاني/يناير 2016.
ولفتت الشبكة إلى أن لدى التنظيمات المتطرفة والنظام السوري هدفاً مشتركاً يجتمعان عليه، وهو القضاء على الحركة المدنية المطالبة بالديموقراطية، لما تشكله هذه الحركة بكافة رموزها من خطر وجودي على شرعية كل من النظام السوري وتلك التنظيمات. كما أن المجتمع السوري سوف ينحاز إلى هذه الحركة المدنية المجتمعية عندما يكون بعيداً عن تأثير إرهاب الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري والتنظيمات المتطرفة.
وكان الناشطان اغتيلا في مدينة كفرنبل بريف إدلب، الجمعة الماضي، على يد ملثمين كانوا يستقلون سيارة أطلقوا عليهما النار وسط مدينة كفرنبل. وأثارت حادثة الاغتيال ردود فعل واسعة محلياً وعالمياً، لكون الرائد واحداً من أبرز الناشطين المعارضين الذين عملوا في الحراك المدني منذ مطلع أحداث الثورة السورية العام 2011.
وأوصى التقرير المجتمع الدولي والدول المؤثرة بضرورة الدعم المالي واللوجستي للمجالس المحلية الفاعلة التي تعيش حالة صراع معلن أو خفي مع “هيئة تحرير الشام”، التي تسعى إلى الهيمنة عليها أو تفتيتها ودعم منظمات المجتمع المدني الحيوية في مناطق الشمال السوري، التي تقف في وجه التنظيمات المتطرفة عبر نشر الوعي وتقديم الخدمات. وضرورة تسريع عملية الانتقال السياسي نحو الديموقراطية ومساعدة الدولة السورية الجديدة على استعادة الأمن والاستقرار. إضافة إلى دعم تشكيل جهاز شرطة محلية قوي ومتماسك للدفاع عن الأهالي.
إلى ذلك، حث التقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان على رصد انتهاكات “هيئة تحرير الشام” وانعكاس ذلك على حياة المدنيين في محافظة إدلب، وتقديم توصيات فاعلة إلى المجتمع الدولي بهذا الشأن. كما دعت الشبكة فصائل المعارضة المسلحة المنضمة إلى “هيئة تحرير الشام” بسرعة الانفكاك عنها، وفضح ممارساتها، وتنظيم حملات توعوية بفكر التنظيمات المتطرفة، وكيفية اختراقها للمجتمعات وتجنيدها للمقاتلين الشباب بالتوازي مع ورشات عن ضرورة احترام حقوق الإنسان الأساسية، والدفاع عنها.
… https://www.almodon.com/media/