حمّلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان كلّا من نظام الأسد والحكومة الأردنية مسؤولية معاناة مخيم “الركبان”، مُشيرة إلى مقتل 6 مدنيين بينهم 5 أطفال في المخيم بسبب الجوع والمرض في غضون شهر.
أشار التقرير إلى أنّ كلّا من النظام السوري والحكومة الأردنية يتحملان مسؤولية معاناة المخيم، فالنظام السوري هو المسؤول الأول عن عمليات القتل والقصف العشوائي والمتعمَّد على جميع المناطق التي عارضت حكم العائلة الأبدي المستمر وخرجت لاحقاً عن سيطرته، وهو أيضاً من قام بحصار وتجويع مئات الآلاف من السوريين سابقاً في كل من الغوطتين الشرقية والغربية بمحافظة ريف دمشق، وريف حمص الشمالي وعدد كبير من المناطق، كما منع عشرات المرات منظمة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة من إيصال المساعدات بحجج واهية، وساهم في توظيف أشخاص محسوبين عليه في المكاتب الواقعة داخل سوريا لمنظمة الشؤون الإنسانية، وعلى الرغم من أنه استجاب إثر ممارسة بعض الضغوط عليه وتم إدخال بعض المساعدات في 3/ تشرين الثاني -نوفمبر/2018 عبر فرق الهلال الأحمر السوري إلا أنَّ الكميات التي دخلت لا تكفي سوى بضعة أيام.
ويقع مخيم “الركبان” على الحدود السورية الأردنية ضمن منطقة الـ55 كم المنزوعة السلاح بين البلدين، التي تُسيطر عليها عدة فصائل في المعارضة المسلحة أبرزها فصيل “جيش المغاوير” و”جيش أحرار العشائر”، ويبعد المخيم عن قاعدة “التَّنف” العسكرية التي تُسيطر عليها قوات التحالف الدولي قرابة 20 كم.
وأوردَ التقرير الذي جاء في 9 صفحات، واطلعت “زمان الوصل” عليه، 4 روايات لأهالي في المخيم تحدثوا عن معاناتهم في ظلِّ أوضاع معيشية وطبية متدهورة، بشكل خاص منذ بدايات عام 2018 عندما عرقلت كل من الحكومة الأردنية والنظام السوري إيصال المساعدات إلى المخيم.
وأكَّد التَّقرير أنَّ النظام منع عملية إيصال المساعدات التي ترسلها الأمم المتحدة من دمشق إلى مخيم “الركبان”، ما شكَّل عملية حصار وتجويع متعمَّد على سكان مدنيين كونهم طرفا في نزاع مسلح غير دولي، وشكَّل ذلك لوناً من ألوان العقوبة الجماعية، وبموجب القانون الدولي الإنساني فإن ذلك يُشكل جريمة حرب.
وحسب التقرير، انتهك النظام السوري جميع قرارات مجلس الأمن التي تطرَّقت إلى موضوع الحصار بدءاً من القرار رقم 2139 الصادر في 22/ شباط/ فبراير/2014 وانتهاءً بالقرار رقم 2268 الصادر في 26/ شباط/ فبراير 2016 وما بينهما، القرار رقم 2165 الصادر في 14/ تموز يوليو/ 2014 والقرار رقم 2191 الصادر في 17/ كانون الأول ديسمبر/ 2014.
ولفتَ التقرير إلى أنَّ مطالبة النظام السوري، الذي قتل وشرَّد ملايين السوريين بأن يعطي الإذن المتكرر لإغاثة الأهالي الذين شرَّدهم وأراد لهم أن يُعانوا وأن يتمزقوا ليست ذات معنى، مُشيراً إلى مسؤولية الحكومة الأردنية، التي لا يُطلب منها سوى أن تسمح لمنظمة الشؤون الإنسانية بإدخال مساعداتها عبر الحدود والالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 2165 الصادر في تموز/2014، الذي يتيح إدخال المساعدات عبر الحدود.
وأكَّد التَّقرير وجود محاولات لإعادة تشريد أهالي مخيم “الركبان” مرة أخرى، وإعادتهم إلى مناطق سيطرة قوات النظام التي فروا منها، لافتا إلى أنَّ الضغط على الأهالي عن طريق التَّجويع والحرمان من العلاج، بهدف إجبارهم على العودة إلى مناطق تُهدد حياتهم عبر عمليات اعتقال أو تعذيب أو تجنيد قسري، يُعتبر تورطاً في جريمة حرب، خاصة بعد توثيق رفضهم لعرض تسوية مقترحة من قبل النظام السوري.
وطبقاً للتقرير فقد مارست قوات النظام جريمة التَّشريد في إطار منهجي وواسع النِّطاق، ومنظَّم ضدَّ السكان المدنيين، ويُشكِّل ذلك خرقاً صارخاً لاتفاقيات جنيف، ويرقى إلى جريمة ضدَّ الإنسانية بموجب المادة السابعة من ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ولم يتم تسجيل قيام هذه القوات بأية تدابير لتوفير مأوى أو رعاية صحية أو غذاء للمدنيين المشرَّدين.
وأشار التقرير إلى أنَّ الحكومة الأردنية رفضت على نحو متكرر طلبات عديدة للأمم المتحدة لإيصال المساعدات إلى خمسين ألف شخص في “الركبان”، وهذا يُعتبر مساهمة في عملية تجويع وعقاب هؤلاء الأشخاص، وضغطاً كبيراً عليهم للاستسلام للنظام السوري والعودة إلى المناطق التي يُسيطر عليها رغماً عن إرادتهم، ما يُشكِّل تهديداً جدياً لحياتهم.
وطالب التقرير الحكومة الأردنية بالسَّماح للأمم المتحدة بإيصال المساعدات إلى 50 ألف شخص في “الركبان” على نحو مستمر ومتواصل وتسهيل عبور الحدود الأردنية لقرابة 50 من الأشخاص الأكثر مرضاً والمهددة حياتهم بالفناء.