أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً اليوم الأربعاء بمناسبة الذكرى السابعة للحراك الشَّعبي في سوريا وثَّقت فيه أبرز انتهاكات حقوق الإنسان منذ آذار/ 2011، وعلى رأسها عمليات قتل المدنيين حيث تجاوزت حصيلة الضحايا حاجز الـ 217 ألف مدني سوري.
جاء في التَّقرير أنَّ السنوات السبع الماضية أثبتت حجم الوحشية الدموية السادية التي واجه بها النظام الحاكم الشعب الذي خرج ضدَّه مطالباً بتغيير نظام الحكم العائلي الأمني، وهذا هو تحديداً جوهر الحراك الشعبي، بعيداً عن العناصر والمتغيرات التي دخلت ولعبت به لاحقاً.
وذكر التقرير، الذي اطلعت “زمان الوصل” عليه، أن نظام الحكم العائلي أنهى أيَّ شكل من أشكال العمل السياسي، وأصبح همُّه الأول الاستمرار في الحكم إلى الأبد.
وأكَّد أنَّه بات ليسَ مفهوماً لدى السوريين حجم الصَّمت والعدمية الدولية تجاه هذه الجرائم التي تم توثيقها من قبل منظمات أممية ودولية ومحلية بشكل لا يقبل التَّشكيك، بل الأفظع من ذلك أن تحاول بعض الدول والمسؤولين والمندوبين والوسطاء الترويج لفكرة ضرورة إنهاء المطالب الشعبية في الكرامة والحرية ورفع نظام الحكم العائلي والانتقال الديمقراطي، وحصرها بأمور “واقعية” بدل مطالبتهم بمحاسبة السَّفاحين أعداء البشرية.
واستعرضَ التقرير حصيلة أبرز الانتهاكات التي نفَّذتها أطراف النِّزاع الرئيسة في سوريا منذ آذار مارس/ 2011 حتى الآن.
وأشار التقرير إلى مقتل 217764 مدنيا خلال الفترة المذكورة 93 % منهم قتلوا على يد قوات الحلف السوري الروسي وتفوق نسبة الضحايا من الأطفال والسيدات إلى المجموع الكلي للضحايا حاجز 18 % ، وهي نسبة مرتفعة جداً وتُشير إلى تعمُّد قوات الحلف السوري الروسي استهداف المدنيين.
وقدَّم التَّقرير إحصائية تتحدث عن 104029 شخصاً لا يزالون قيدَ الاعتقال التّعسفي أو الاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية التَّابعة للنظام السوري منذ اندلاع الثورة حتى الآن.
وبحسب التقرير فقد مارست قوات الادارة الذاتية الكردية عمليات الاعتقال التَّعسفي والإخفاء القسري في المناطق الخاضعة لسيطرتها واعتقلت ما لا يقل عن 2419 شخصاً منذ تأسيسها حتى آذار/ 2018.
كما نوَّه إلى أنَّ تنظيم “الدولة” اعتقل ما لا يقل عن 8119 شخصاً، فيما اعتقلت “هيئة تحرير الشام” ما لا يقل عن 1688 شخصاً حتى آذار مارس/ 2018.
وجاءَ في التقرير أنَّ فصائل في المعارضة المسلحة عمدَت إلى تنفيذ عمليات اعتقال بحقِّ المدنيين بعد اقتحام مناطق تخضع لسيطرة قوات النظام السوري، وتمَّ توثيق2574 شخصاً لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي في سجون المعارضة المسلَّحة حتى الآن.
وذكر التقرير أنَّ قوات النِّظام لجأت إلى استخدام أنماط وأساليب متنوِّعة من التَّعذيب بحقِّ جميع المحتجزين لديها، مُشيراً إلى أنَّ 13029 شخصاً قُتِلوا بسبب التَّعذيب في سجون النظام خلال سنوات الثورة السبع.
وأوردَ حصيلة ضحايا التَّعذيب في سجون التنظيمات الإسلامية المتشددة، التي بلغت 52 شخصاً، 21 قتلوا على يد “هيئة تحرير الشام”، و31 على يد تنظيم “الدولة”، في حين أنَّ 34 شخصاً قتل بسبب التَّعذيب لدى جميع فصائل المعارضة المسلحة، وقتلت قوات الإدارة الذاتية الكردية ما لا يقل عن 29 شخصاً بسبب التَّعذيب.
جاءَ في التقرير أنَّ قوات النِّظام السوري اتَّبعت سياسة فرض الحصار على المناطق الواقعة تحت سيطرة فصائل في المعارضة المسلحة، ومنعت وصول الغذاء والدواء؛ ما أدى إلى مقتل 914 مدنياً، بينهم 398 طفلاً، و187 سيدة (أنثى بالغة).
وأشار التَّقرير إلى أنَّ تنظيم “الدولة” أيضاً اتَّبع الأسلوب ذاته في مدينة دير الزور، ومخيم اليرموك جنوب مدينة دمشق؛ ما أدى إلى مقتل 47 مدنياً، بينهم 16 طفلاً، و10 سيدة (أنثى بالغة).
وبحسب سجلات الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإنَّ قرابة 217 هجوماً كيميائياً قد نُفِّذَ في سوريا منذ أول استخدام لها في كانون الأول ديسمبر/ 2012 حتى آذار/ 2018، نفَّذَ النظام السوري منها 212 هجوماً؛ تسبَّبت في مقتل ما لا يقل عن 1421 شخصاً، في حين نفَّذ تنظيم “الدولة” 5 هجمات.
وبحسب التقرير فقد استخدمت الذخائر العنقودية ما لا يقل عن 431 مرة، 212 هجوماً منها على يد قوات النظام، و219 هجوماً على يد القوات الروسية، في حين سجَّل التقرير إلقاء طائرات النِّظام قرابة 69480 برميلاً متفجراً منذ أول استخدام موثق لها في 18/ تموز يوليو/ 2012 حتى آذار مارس/ 2018.
ووفقَ التقرير فقد تمَّ تسجيل 131 هجوماً بأسلحة حارقة على مناطق مدنيَّة سكنيّة، 117 منها نفذتها القوات الروسية، و12 هجوماً نفذتها قوات النظام، وهجومين نفذتهما قوات التحالف الدولي، وجميع الهجمات وقعت في أحياء سكنية.
وذكر التَّقرير أنَّ قرابة 13.5 مليون شخص تعرَّض للتَّشريد القسري، قرابة 7.5 مليون منهم تمَّ تشريدهم داخل سوريا عبر موجات نزوحٍ جماعيَّة نتيجة العمليات العسكرية والاشتباكات الدائرة بين أطراف النِّزاع، أو نتيجة هدنٍ واتفاقيات فُرضَت على المدن والبلدات المحاصرة، كما تشرَّد قرابة 6 مليون لاجئ خارج سوريا.
وأكَّد التَّقرير أنَّ الأطراف المتنازعة، ولا سيما قوات الحلف السوري الروسي لم تتَّخذ الاحتياطات الكافية لتجنيب المدنيين مآسي النِّزاع بل تعمَّدت بشكل منهجي تنفيذَ هجمات استهدفت فيها المدنيين بمن فيهم من أطفال ونساء، ولم تراعِ مواد القانون الإنساني الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، واستهدفت الأعيان المدنية المشمولة بالحماية على نطاق واسع.
وطالب التَّقرير أعضاء في مجلس الأمن بالتَّوقف عن استخدام حقِّ النَّقض لحماية النظام، الذي ارتكب على مدى سبع سنوات مئات آلاف الانتهاكات، التي يُشكِّل كثير منها جرائم ضدَّ الإنسانية وجرائم حرب.
ونوَّه التَّقرير إلى أنه نتيجة عدم التزام الأطراف وبشكل خاص النظام السوري بأي من قرارات مجلس الأمن سواء المتعلقة بالأسلحة الكيميائية أو البراميل المتفجرة أو الاختفاء القسري، فإنّه لم يبقَ أمام مجلس الأمن بعد سبع سنوات سوى التَّدخل عسكرياً؛ بهدف حماية المدنيين السوريين.