قال تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان إنّ سوريا تتربَّع في صدارة دول العالم على صعيد عدة انتهاكات مرتكبة بحق الأطفال، مؤكدا أن النظام السوري يتصدر مرتكبي هذه الانتهاكات منذ عام 2011 على الرَّغم من أن الحكومة مُصادقة على اتفاقية حماية الطفل.
وبمناسبة يوم الطفل العالمي، أصدرت الشبكة تقريرها السنوي الخاص بتوثيق الانتهاكات بحق الأطفال من قبل أطراف النزاع في سوريا بعنوان “أطفال سوريا… الخذلانُ الفاضِح”.
ووثَّق التقرير، الذي اطلعت “زمان الوصل” عليه مقتل 21631 طفلاً من قبل قوات النظام السوري منذ آذار مارس/ 2011، بينهم 186 طفلاً قضوا خنقاً إثرَ هجمات بالأسلحة الكيميائية، و209 أطفال قضوا إثرَ هجمات استخدم فيها النظام السوري ذخائر عنقودية أو إثرَ انفجار مخلفات قديمة لذخائر عنقودية.
كما سجل التقرير ما لا يقل عن 289 طفلاً قضى نتيجة الحصار الذي تفرضه هذه القوات.
وبلغَ عدد الأطفال الذين مروا بتجربة الاعتقال على يد النظام ما لايقل عن 12007 اطفال، لا يزال ما يزيد عن 3007 منهم قيد الاعتقال حتى لحظة إصدار التقرير، الذي ذكر أنَّ معظم حالات الاعتقال المسجلة ترقى إلى مرتبة الاختفاء القسري.
وبحسب التقرير فقد تضررت ما لا يقل عن 1123 مدرسة، و24 روضة أطفال جراء القصف العشوائي أو المتعمّد لقوات النظام السوري.
وذكر أنَّ القوات الروسية قتلت ما لا يقل عن 1529 طفلاً منذ 30/ أيلول سبتمبر/ 2015، بينهم 32 طفلاً قضوا جراء 217 هجوماً بذخائر عنقودية، كما أشار أن هجمات القوات الروسية تسببت في تضرّر ما لا يقل عن 144 مدرسة، إضافة إلى تشريد عشرات آلاف الأطفال.
واستعرَض التقرير انتهاكات قوات الإدارة الذاتية الكردية في المناطق التي تُسيطر عليها كالقتل خارج نطاق القانون والتجنيد الإجباري؛ وأوردَ التقرير أن 127 طفلاً قتلوا على يد هذه القوات، وأن 503 طفلاً مازالوا قيد الاعتقال أو الإخفاء القسري في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات الإدارة الذاتية الكردية.
كما أشار التقرير إلى مقتل 711 إثرَ عمليات القصف العشوائي والاشتباكات أو الإعدام التي مارسها تنظيم “الدولة الإسلامية”، موضحا أن الأخير مارسَ أيضاً انتهاكات من لون آخر كاسترقاق الأطفال، وبيعهم، واغتصابهم عبر التزويج القسري، وعبر تجنيدهم في ما يُسميه “معسكرات الأشبال”، وفي بعض الأحيان عبر اتخاذهم دروعاً بشرية، وقد بلغ عدد المعتقلين لدى التنظيم وفقَ التقرير ما لا يقل عن 386 طفلاً.
ووفقَ التقرير فقد قتلت “هيئة تحرير الشام” 88 طفلاً، واعتقلت ما لا يقل عن 25 آخرين.
ووفقَ التقرير فقد قتلت قوات التحالف الدولي 723 طفلاً منذ بدء هجماتها في سوريا في 23/ أيلول/ 2014، كما تضرَّرت 23 مدرسة إثر تلك الهجمات. وسجل التقرير قتل فصائل في المعارضة المسلحة 936 طفلاً، سقط معظمهم جراء القصف العشوائي الذي تُنفذه قوات في المعارضة على المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام، واعتقال ما لا يقل عن 305 أطفال، كما جاء في التقرير أنها استخدمت الأطفال في بعض الفعاليات العسكرية. وتسبَّبت هجماتها في تضرُّر 23 مدرسة وروضة أطفال.
وسجل التقرير مقتل ما لا يقل عن 701 طفل منذ آذار مارس/ 2011 على يد جهات أخرى، وتضرُّر ما لا يقل عن 19 مدرسة و2 من رياض الأطفال على يد جهات مجهولة أيضاً.
وأشار إلى أن القوات الحكومية والميليشيات الموالية لها ارتكبت أفعالاً تُشكِّل جرائم ضد الإنسانية بحق أطفال سوريا، عبر القتل المنهجي الواسع، وعبر عمليات التعذيب والعنف الجنسي، مُنتهكة بشكل صارخ المادة السابعة من ميثاق روما الأساسي، كما مارست أفعالاً أخرى ترقى إلى جرائم حرب عبر عمليات التجنيد الإجباري والتجويع والحصار الجماعي للأهالي بمن فيهم من نساء وأطفال، وهذا يُشكل خرقاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
كما أكد أن معظم قصف القوات الروسية تركز على مناطق ومراكز آهلة بالسكان وتسبب في مقتل عشرات الأطفال السوريين، وجميع تلك الهجمات العشوائية ترقى إلى جرائم حرب.
وذكر التقرير أن قوات الإدارة الذاتية مارست أفعالاً ترقى إلى جرائم حرب عبر عمليات القصف العشوائي الذي تسبب في مقتل العديد من الأطفال، وعبر عمليات التجنيد الإجباري.
ووفق التقرير فقد جنَّدت التنظيمات الإسلامية المتشددة مئات الأطفال دون سن الـ15، كما مارست عمليات تعذيب بحق أطفال معتقلين داخل مراكز الاحتجاز التابعة لها، وقتلت عمليات القصف العشوائي التي قامت بها العديد من الأطفال، ويُشكل ذلك جرائم حرب.
وأكَّد التقرير تجنيد فصائل مختلفة تابعة للمعارضة المسلحة عشرات من الأطفال، كما تسبب القصف العشوائي الذي قامت به بعض الفصائل في مقتل عدد من الأطفال، ويُشكل كل ذلك جرائم حرب.
وأوضح التقرير أن الهجمات التي نفذتها قوات التحالف الدولي، تسببَّت في حدوث خسائر طالت أرواح مدنيين بينهم أطفال أو إلحاق إصابات بهم أو في إلحاق الضرر الكبير بالأعيان المدنية. وهناك مؤشرات قوية جداً تحمل على الاعتقاد بأن الضرر كان مفرطاً جداً إذا ما قورن بالفائدة العسكرية المرجوة.
وبحسب التقرير تعرَّض الأطفال في سوريا إلى تداعيات تراكمية نتجت عن عمليات القصف والتدمير اليومية، التي تسببت في تضرر قرابة 1378 بين مدرسة وروضة أطفال؛ ما أدى إلى خروج ما يزيد عن 3.2 مليون طفل داخل سوريا من العملية التعليمية، وتَضرُّر قطاع الصحة فانخفضت معدلات تلقيح الأطفال، وتدمَّرت أجزاء واسعة من قطاع البنية التحتية فانتشر التهاب الكبد الوبائي بسبب شرب مياه الآبار، وتدمَّرت أحياء كثيرة بشكل شبه كامل ما دفع بالأسرة السورية إلى أن تتشرد قسرياً، نزوحاً أو لجوءاً، حيث ظهرت معاناة من نوع آخر، فقد حُرم 60% من مُجمل الأطفال اللاجئين من التعليم، كما تمَّ استغلالهم بشكل فظيع في سوق العمل.
وذكرَ التقرير أن إحصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تُشير إلى أنه قد ولد ما لا يقل عن 230 ألف طفل في مخيمات اللجوء، لم يحصل العديد منهم على أوراق ثبوتية، وهناك تحديات هائلة على صعيد مكافحة ظاهرة الحرمان من الجنسية.
كما نوَّه إلى عدم إنصاف تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الأطفال والصراعات المسلحة الذي صدر في 24/ آب2017، هذا الواقع الكارثي في سوريا على نحو دقيق.
ورصد التقرير حصيلة الانتهاكات التي ارتكبتها الأطراف الرئيسة الفاعلة في سوريا بحق الأطفال منذ آذار مارس/ 2011 ولغاية 20/ تشرين الثاني نوفمبر/ 2017 واستعرض أبرزها.
شدَّد التقرير على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات الممكنة قانونياً وسياسياً ومالياً بحق النظام السوري وحلفائه، وبحق جميع مرتكبي الانتهاكات في النزاع السوري للضغط عليهم للالتزام باحترام حقوق الأطفال. والوفاء بالالتزام بالتبرعات المالية التي تم التعهد بها. إضافة إلى ضرورة إيصال المساعدات إلى الأطفال المحاصرين، وإجبار النظام السوري بشكل رئيس على رفع الحصار، بدلاً من اللجوء إلى مجرد إلقاء المساعدات من الجو. ومساعدة دول الطوق وتقديم كل دعم ممكن لرفع سويِّة التعليم والصحة في هذه الدول التي تحتضن العدد الأعظم من الأطفال اللاجئين.
كما طالب التقرير بإيجاد آليات لوقف قصف المدارس وحمايتها، والعمل على خلق بيئة تعليمية آمنة، وهذا أقل مستويات حماية المدنيين. واعتبر التقرير أن قضية أطفال سوريا هي قضية عالمية، يجب على كل الدول أن تبذلَ جهدها في التخفيف من تداعياتها، عبر دعم المدارس والعملية التعليمية والطبية داخل سوريا، وللأطفال اللاجئين.
أوصى التقرير أن يتم تنسيق عمليات المساعدة الإنسانية بحسب المناطق الأكثر تضرراً، وتجنُّب ضغوط وابتزاز النظام السوري بهدف تسخير المساعدات لصالحه. وتخصيص موارد كافية لإعادة تأهيل الأطفال مع مراعاة الاحتياجات الخاصة بالفتيات الذين تأثروا بالانتهاكات بشكل مباشر، واللاتي تعرضن للاستغلال الجنسي.
وشدَّد التقرير على ضرورة ضمان قدرة اللاجئين القادمين من سوريا على طلب اللجوء، واحترام حقوقهم، ومن ضمنها حظر الإعادة القسرية، ويجب على دول الاتحاد الأوروبي وغيرها أن تُخفِّف الوطأة عن دول الجوار، وأن تستقبل مزيداً من اللاجئين السوريين، وطالب الدول المانحة بزيادة مساعداتها للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ولمنظمات المجتمعات المحلية في دول اللجوء.
كما دعا التقرير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إلى خلق بيئة مستقرة وآمنة للأطفال السوريين اللاجئين وتكثيف العمل لإعادة اندماجهم في المجتمع عبر معالجات نفسية طويلة الأمد. وتعزيز الاستثمار في التعليم والصحة.