أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 93 من الكوادر الطبية وكوادر الدفاع المدني على يد الأطراف الرئيسة الفاعلة في سوريا منذ مطلع عام 2017، فيما وثّق مقتل 9 من الكوادر الطبية وكوادر الدفاع المدني في أيلول سبتمبر الماضي، 5 منهم على يد قوات الأسد، و2 على يد كل من القوات الروسية وقوات التحالف الدولي.
وأشارت في تقرير لها إلى تفاصيل الضحايا، حيث قتلت قوات النظام 2 من الكوادر الطبية، و2 من الممرضين، و1 من كوادر الدفاع المدني، فيما قتلت القوات الروسية صيدلانياً وسيدة من الكوادر الطبية، وقتلت قوات التحالف الدولي طبيباً وصيدلانياً.
كما وثق التقرير، الذي اطلعت “زمان الوصل” عليه 43 حادثة اعتداء على مراكز حيوية طبية ومراكز للدفاع المدني، كانت 16 منها على يد قوات النظام استهدفت فيها 5 من المنشآت الطبية، و5 من سيارات الإسعاف، و6 من مراكز الدفاع المدني. فيما سجل التقرير 27 حادثة اعتداء على يد القوات الروسية استهدفت 11 منها منشآت طبية، و4 سيارات إسعاف، و12 مركزاً للدفاع المدني.
ويؤكد التقرير أن قوات النظام متورطة ومنذ عام 2011 بقصف واستهداف المنشآت الطبية ومراكز الدفاع المدني، وكذلك أطراف النزاع المسلح التي استهدفت الكوادر الطبية وكوادر الدفاع المدني بعمليات القتل والاعتقال، وهذا يدل على سياسة متعمدة تهدف إلى إيقاع المزيد من القتلى، وزيادة معاناة الجرحى من المدنيين والمسلحين.
وجدد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان “فضل عبد الغني” التأكيد على أن “الهجمات على المراكز الطبية ومراكز الدفاع المدني، وعلى الكوادر الطبية أيضاً وكوادر الدفاع المدني، تُعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى جريمة حرب من خلال الهجوم الفوضوي وفي كثير من الأحيان المتعمد على الأعيان المشمولة بالحماية”.
وأضاف “تسبب كل ذلك في آلام مضاعفة للجرحى والمصابين، وهو أحد الأسباب الرئيسة لتهجير الشعب السوري، عبر رسالة واضحة أنه لا توجد منطقة آمنة، أو خط أحمر، بما فيها المشافي، عليكم أن تهاجروا جميعاً أو تَفْنَوا”.
ورغم اتفاقيات “خفض التصعيد” فإن النظام الذي يتصدر قائمة القتلة في سوريا لم يتوقف عن قتل الكوادر الطبية وكوادر الدفاع المدني، حسب التقرير.
وأشار التقرير إلى أن القوات الروسية عادت لممارسة القتل بحقهم بعد انقطاع استمر شهرين، وتفوَّقت أيضاً على بقية الأطراف في اعتدائها على المنشآت الطبية ومنشآت الدفاع المدني للشهر الثاني على التوالي.
ونوّه إلى أن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” تعتمد منهجية عالية في التوثيق، عبر الروايات المباشرة لناجين أو لأهالي الضحايا، إضافة إلى عمليات تدقيق وتحليل الصور والفيديوهات وبعض التسجيلات الطبية، وتواجه الشبكة تحديات وصعوبات كبيرة في ظل الحظر والملاحقة من قبل قوات النظام وبعض المجموعات المسلحة الأخرى.
ونتيجة لتلك التحديات يتفاوت كمُّ ونوعية الأدلة بين حادثة وأخرى، وتبقى الحوادث خاضعة للتحقيق المستمر وجمع الأدلة والقرائن؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى تغيير التوصيف القانوني في كثير من الحوادث نظراً لحصول الشبكة على أدلة أو قرائن جديدة لم تكن متوفرة لدى نشر التقرير، إضافة إلى أن العديد من الحوادث قد لا تُشكلّ انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، لكنَّها تضمَّنت أضراراً جانبية، ما يدفع الشبكة لتسجيلها وأرشفتها من أجل معرفة ما حدث تاريخياً، وحفاظاً عليها كسجلٍ وطني، مع عدم وصفها بأنها ترقى إلى جرائم.
وأشار التقرير إلى أنّ الهجمات الواردة تُشكل خرقاً لقراري مجلس الأمن رقم 2139 ورقم 2254 القاضيين بوقف الهجمات العشوائية، كما تُشكل جريمة القتل العمد انتهاكاً للمادة الثامنة من قانون روما الأساسي، ما يُشكل جرائم حرب.
كما أنّ القوات السورية انتهكت أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومارست أفعالاً ترقى لأن تكون جرائم حرب.
ومارست أيضاً القوات الروسية وقوات التحالف الدولي، أفعالاً ترقى لأن تكون جرائم حرب عبر عمليات القتل خارج نطاق القانون أو استهداف المراكز الحيوية المدنية.
وحثَّ مجلس الأمن على اتخاذ إجراءات إضافية بعد مرور أكثر عامين على القرار رقم 2139 دون وجود التزامات بوقف عمليات القصف العشوائي.
وأكَّد التقرير على ضرورة قيام مجلس الأمن بإحلال الأمن والسلام وتطبيق مبدأ مسؤولية حماية المدنيين، لحفظ أرواح السوريين وتراثهم وفنونهم من الدمار والنهب والتخريب، وتوسيع العقوبات لتشمل النظام الروسي والنظام الإيراني المتورطَين بشكل مباشر في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الشعب السوري.
كما شملت توصيات التقرير تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (ICRtoP)، بعد استنفاذ الخطوات السياسية عبر اتفاقية الجامعة العربية ثم خطة “كوفي عنان”، وضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ظل عرقلة مجلس الأمن لحماية المدنيين في سوريا.
وطالب التقرير بتجديد الضغط على مجلس الأمن بهدف إحالة الملف في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
كما طالبَ الضامن الروسي بضرورة ردع النظام السوري عن إفشال اتفاقيات خفض التصعيد، والبدء بتحقيق اختراق في قضية المعتقلين عبر الكشف عن مصير 76 ألف مختفٍ قسرياً.
وأوصى التقرير المنظمات العالمية بإرسال متطوعين للعمل في المناطق غير الخطرة، حيث يتم إسعاف المرضى إليها، وخاصة بعد توثيق حالات وفاة كثيرة من المرضى بسبب العجز في الكوادر الطبية.
… https://www.zamanalwsl.net/new