أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها الدوري الخاص بتوثيق المجازر المرتكبة من قبل أطراف النزاع في سوريا.
وذكر التقرير أن مختلف المحافظات السورية شهدت تراجعاً ملحوظاً وجيداً نسبياً في معدَّل القتل، منذ بدء سريان اتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار في سوريا، وبشكل خاص المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، لأنَّ مناطق سيطرة النظام السوري لا تخضع للقصف الجوي الكثيف اليومي والذي يعتبر المتسبب الرئيسي في قتل أكثر من 60% من الضحايا، وتدمير المباني وتشريد أهلها.
لكن التقرير أوضح أنه على الرغم من ذلك فإن الخروقات لم تتوقف، وبشكل رئيسي من قبل النظام السوري، الذي يبدو أنه المتضرر الأكبر من استمرار وقف إطلاق النار، وخاصة جرائم القتل خارج نطاق القانون، والأفظع من ذلك عمليات الموت بسبب التعذيب، وهذا يؤكد وبقوة أن هناك وقفاً لإطلاق النار فوق الطاولة نوعاً ما، أما الجرائم التي لا يُمكن للمجتمع الدولي وتحديداً للضامنين الروسي والتركي أن يلحظها فهي ما زالت مستمرة ولم يتغير فيها شيء.
واستعرض التقرير حصيلة مجازر كانون الثاني/يناير 2017، وقد اعتمد في توصيف لفظ مجزرة على أنه الحدث الذي يُقتل فيه 5 أشخاص مسالمين دفعة واحدة. ووفق هذا التعريف، وثّق التقرير حدوث 21 مجزرة في كانون الثاني/يناير 2017، منها 6 على يد قوات النظام السوري، و5 على يد قوات روسية، و3 على يد تنظيم “”الدولة الإسلامية””، و4 على يد قوات التحالف الدولي، و3 على يد جهات أخرى، تشمل جهات لم يتمكن من تحديدها، إضافةً إلى القوات التركية واللبنانية والأردنية.
وبحسب التقرير، فإن قوات النظام السوري ارتكبت 3 مجازر في دير الزور، ومجزرة واحدة في كل من ريف دمشق وحمص وحماة. فيما ارتكبت القوات الروسية 3 مجازر في حلب، وإثنين في إدلب. وارتكب تنظيم “”الدولة”” مجزرتين في دير الزور، وواحدة في الرقة. وارتكبت قوات التحالف الدولي 3 مجازر في الرقة، ومجزرة واحدة في إدلب. وسجل التقرير مجزرتين في حلب وواحدة في اللاذقية على يد جهات أخرى.
وتسببت تلك المجازر، بحسب فريق توثيق الضحايا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في مقتل 205 شخصاً، بينهم: 64 طفلاً، و27 سيدة، أي أن 45% من الضحايا هم نساء وأطفال، وهي نسبة مرتفعة جداً، وهذا مؤشر على أن الاستهداف في معظم تلك المجازر كان بحق السكان المدنيين.
وفصَّل التقرير في حصيلة ضحايا المجازر في كانون الثاني/يناير، حيث بلغ عدد ضحايا المجازر التي ارتكبتها قوات النظام السوري 48 شخصاً، بينهم 21 طفلاً، و8 سيدات.أما عدد ضحايا المجازر التي ارتكبتها القوات الروسية فقد بلغ 31 شخصاً، بينهم 14 طفلاً، و8 سيدات .بينما كانت حصيلة ضحايا المجازر التي ارتكبها تنظيم “”الدولة”” 18 مدنياً، بينهم 9 أطفال وسيدتان. وحصيلة ضحايا المجازر التي ارتكبتها قوات التحالف الدولي27 مدنياً، بينهم 9 أطفال، وسيدتان. وبلغت حصيلة ضحايا المجازر على يد جهات أخرى 81 شخصاً، بينهم 11 طفلاً، و7 سيدات.
وأكد التقرير على أن حالات القصف كانت متعمدة أو عشوائية، وموجهة ضد أفراد مدنيين عزل، وبالتالي فإن القوات الحكومية قامت بانتهاك أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يحمي الحق في الحياة. إضافةً إلى أنها ارتكبت في ظل نزاع مسلح غير دولي، فهي ترقى إلى جريمة حرب وقد توفرت فيها الأركان كافة.
وأشار التقرير إلى أن عمليات القصف، قد تسببت بصورة عرضية في حدوث خسائر طالت أرواح المدنيين وفي إلحاق إصابات بهم أو إلحاق الضرر بالأعيان المدنية. وهناك مؤشرات قوية تحمل على الاعتقاد بأن الضرر كان مفرطاً جداً إذا ما قورن بالفائدة العسكرية المرجوة، وفي جميع الحالات المذكورة لم تتأكد الشبكة السورية من وجود هدف عسكري قبل أو أثناء الهجوم.
كما ذكر التقرير أن حجم المجازر، وطبيعة المجازر المتكررة، ومستوى القوة المفرطة المستخدمة فيها، والطابع العشوائي للقصف والطبيعة المنسقة للهجمات، لا يمكن أن يكون ذلك إلا بتوجيهات عليا وهي سياسة دولة.
وأوصى التقرير بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، والتوقف عن تعطيل القرارت التي يُفترض بالمجلس اتخاذها بشأن الحكومة السورية؛ لأن ذلك يرسل رسالة خاطئة إلى جميع الديكتاتوريات حول العالم ويعزز من ثقافة الجريمة، وأوصى أيضاً بفرض عقوبات عاجلة على جميع المتورطين في الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان.
وطالب التقرير بإلزام الحكومة السورية بإدخال جميع المنظمات الإغاثية والحقوقية، ولجنة التحقيق الدولية، والصحفيين وعدم التضييق عليهم.
وقد أشار التقرير إلى ضرورة إدراج الميليشيات التي تحارب إلى جانب الحكومة السورية، والتي ارتكبت مذابح واسعة، كالميليشيات الإيرانية، وحزب الله اللبناني، والألوية الشيعية الأخرى، وجيش الدفاع الوطني، والشبيحة على قائمة الإرهاب الدولية.
كما طالب بتطبيق مبدأ “”حماية المدنيين”” الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة على الحالة السورية عام 2005، متسائلاً أن هذا المبدأ إن لم يطبق في سورية فأين سيُطبق؟