المعتقلون السوريون المسيحيون بين استبداد القوات الحكومية وإرهاب المتطرفين رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان: 450 معتقلا بينهم 28 امرأة وفصائل شيعية شاركت في الخطف

2019المعتقلون السوريون المسيحيون بين استبداد القوات الحكومية وإرهاب المتطرفين رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان: 450 معتقلا بينهم 28 امرأة وفصائل شيعية شاركت في الخطف
نشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرا قالت فيه إن أكثر من 215 ألف معتقل لدى السلطات السورية، تمتلك الشبكة قوائم بـ112 ألفا منها موثقة، ومن بين المعتقلين 450 شخصا من الديانة المسيحية، بينهم 28 امرأة. وبحسب التقرير فإن هذه الإحصائية هي الحد الأدنى من المعتقلين، لأن معرفة عقيدة الضحية القتيل أو المعتقل ليست بالأمر السهل.

كما رصدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان حالات خطف من قبل ميليشيات محلية وميليشيات شيعية خارجية، حصلت بهدف الابتزاز المادي وطلب فدية مالية ضخمة مقابل الإفراج.

ويستعرض التقرير كثيرا من حالات الاعتقالات التي حدثت لدى مداهمة مراكز تجمعات سياسية واعتقال أفرادها وتخريب ونهب محتوياتها. كما حدث في مقر المنظمة الآثورية الديمقراطية ومكتب إحدى الجمعيات الإغاثية التابعة لحزب الاتحاد السرياني في القامشلي.

وسجل التقرير الإفراج عن قرابة 185 شخصا من معتقلات النظام، بينهم 19 امرأة، ولا تزال البقية (265) محتجزة حتى لحظة إعداد التقرير، أكثر من نصفهم في عداد المفقودين قسريا.

ويشير التقرير إلى أن عمليات الاعتقال التعسفي تحدث من دون أي مذكرة قانونية أو اطلاع المعتقل أو أهله على أسباب أو مكان الاحتجاز، وقد شملت مختلف المحافظات السورية، وبشكل خاص الحسكة والقامشلي، وحلب، ودمشق، وحماه، وحمص. وطالت هذه الاعتقالات سياسيين ونشطاء سلميين وقادة رأي في قوى الحراك السياسي والمدني.

ووثق التقرير قيام التنظيمات المتشددة بانتهاكات بحق سكان المناطق والقرى التي يتبع أهلها الديانة المسيحية، التي وقعت تحت سيطرتها، حيث تعرض البعض منهم للاعتقال والتعذيب على خلفية طائفية، بهدف التهجير، مما أجبرهم على النزوح إلى مناطق أخرى، كما حصل عندما سيطر تنظيم داعش على محافظة الرقة وأجزاء واسعة من محافظة دير الزور والحسكة وريف حلب.

كما سجل التقرير ما يزيد على 10 حالات اعتقال لأشخاص من الديانة المسيحية، في المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة المسلحة، في كل من محافظة إدلب ومحافظة حلب.

أما الجهات الشيعية التي تقوم بالخطف، يقول فضل عبد الغني رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان لـ«الشرق الأوسط»: «أغلب حالات الخطف التي افتعلتها الميليشيات الشيعة، كلواء أبو الفضل العباس و(حزب الله) كانت بهدف الانتقام الطائفي وغالبية الضحايا تعرضوا لتعذيب وحشي، ثم قُتلوا». ويضيف أن أعداد الناجين بينهم كانوا قلة: «نذكر إحدى الحالات التي حصلت في جديدة الفضل، حيث قامت إحدى الميليشيات الشيعية المشاركة للقوات الحكومية، وبعد مجزرة بجديدة الفضل، باعتقال شقيقين مسيحيين من عائلة بطرس وقتل أحد الشقيقين بعد تعذيبه وإطلاق سراح الآخر بعد دفع عائلته لمبلغ 15 مليون ليرة سوريا في 21 أبريل (نيسان) 2013».

عن مبررات الخطف عموما، يقول عبد الغني: «بالنسبة للمعارضة المسلحة وثقنا بعض حوادث الخطف التي كانت بغرض الابتزاز المادي وطلب الفدية، وغالبا ما تكون مبالغ طائلة في البداية ثم وأثناء التفاوض مع عائلة الضحية، يتم تخفيض قيمة المبلغ المطلوب. بمعنى أن الإنسان يتحول إلى سلعة. وفي بعض حوادث الخطف كانت التهمة العمالة والتعاون مع السلطات السورية، وهناك حوادث الهدف منها عمليات التبادل».

أما بالنسبة للخطف على الأساس الطائفي فغالبا ما تقوم به المجموعات المتشددة. ويؤكد التقرير على أن الحكومة السورية مارست، ولا تزال، جرائم الخطف والتعذيب، ضمن هجوم واسع النطاق، وبشكل منهجي، وهو ما يشكل جرائم ضد الإنسانية، بحسب المادة السابعة من قانون روما الأساسي، كما يُعد جريمة حرب بموجب المادة الثامنة من قانون روما الأساسي.

ويضيف أن التنظيمات المتطرفة شنت هجمات واسعة على خلفية دينية بهدف التهجير، ويشكل هذا جريمة حرب. كما ارتكبت جريمة الإخفاء القسري بحق عدد من أبناء تلك المناطق.

ووفقا للتقرير، فإن بعض فصائل المعارضة المسلحة مارست عمليات خطف وابتزاز، ويجب على المعارضة السورية تحمل مسؤولياتها في متابعة هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، باعتبار أنها تخضع لسيطرتها.

طالب التقرير مجلس الأمن باتخاذ أي فعل أو ردع للنظام الحاكم في سوريا من خلال تطبيق القرارات الصادرة عنه كالقرار 2042 الصادر بتاريخ ١٤ مايو (أيار) 2012. والقرار 2043 بتاريخ 21 مايو 2012، والقرار 2139 الصادر بتاريخ 22 فبراير (شباط) 2014، والقاضي بوضع حد للاختفاء القسري.

وحث التقرير على ضرورة وضع قضية المعتقلين وقضية التعذيب، ضمن أول سلم الأولويات لأي عملية سياسية أو تفاوضية، وممارسة ضغوط مباشرة على الحكومة السورية للإفراج عن جميع المحتجزين السياسيين وغير الجنائيين.

وفي معرض رده على الصعوبات التي واجهت الشبكة في عملية التوثيق، يجيب بقوله إن الصعوبات تنبع من خوف الأهالي والأصدقاء بالدرجة الأولى من الحديث عن المعتقلين. وتسود ثقافة في المجتمع السوري بأن ذلك سوف يسبب لهم الضرر الكبير فيفضلون التكتم والسكوت، ونحن نحاول دوما الوصول إلى أحد أقرباء الضحية وهذا يشكل تحديا هائلا.

أما بالنسبة للمقابلات مع الضحايا الناجين من الاعتقال، فغالبا ما يرفض الناجي من الاعتقال اللقاءات الشخصية، بسبب الخوف والوضع الأمني المحاط به، فأغلب الضحايا موجودون في مناطق يسيطر عليها النظام، لذلك نقوم بإجراء توثيق الشهادات معهم، إما عبر الهاتف أو «سكايب»، وفي حال وجود الناجي خارج سوريا، فإننا نقوم بإجراء مقابلات شخصية مع الضحايا أنفسهم.

وغالبا ما يتردد الضحية في الإفصاح عن جميع الانتهاكات التي تعرض لها أثناء احتجازه، خاصة إذا كان الانتهاك يتعلق بالعنف الجنسي، بسبب الشعور بأنه ربما سيحط من كرامة الشخص أمام المجتمع، والكثير من الناجين أبدوا لنا عدم رغبتهم في الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالعنف الجنسي، وهناك بعض الناجين رفضوا ذكر ما تعرضوا له من تعذيب بسبب خوفهم من عودة السلطات السورية والانتقام من عائلاتهم.

… https://aawsat.com/home/articl