الخليج أونلاين
قال فضل عبد الغني، رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين لديهم اطلاع واسع على جرائم نظام الأسد، وقسم منهم يبدي تعاطفاً ويود فعل شيء، لكن القرار الاستراتيجي في بلدانهم لا يتيح لهم المجال لذلك.
وأضاف عبد الغني، في حديث خاص مع موقع “الخليج أونلاين”، أنّه أجرى زيارات مؤخراً إلى الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بهدف بحث الملف الإنساني والحقوقي في سوريا مع المسؤولين المعنيين، مبيناً أن “لقاءات واسعة جرت، وأبدى قسم كبير من موظفي البيت الأبيض والخارجية الأمريكية تعاطفهم ورغبتهم في المساعدة”.
وأوضح رئيس الشبكة السورية أنّ من بين من التقاهم كلاً من ممثل سوريا الخاص وممثل منطقة المشرق في البيت الأبيض، وقسم المقاضاة وحقوق الإنسان في الخارجية، ومع مكتب التحقيقات الفيدرالي، وغيرها، حيث إن لكل لقاء أجندته الخاصة؛ إذ بُحثت تداعيات حقوق الإنسان في سوريا وموضوع المقاضاة والمحاسبة القانونية، وكيف يمكن لواشنطن أن تسهم بدور أكبر فيه.
وتابع: “كما أننا بحثنا مع الأمريكيين موضوع وجود سوريين يحملون الجنسية الأمريكية قد تعرضوا لانتهاكات من أجل البحث عنهم وكيفية رفع دعاوى قانونية لأجلهم، بالإضافة لعملية التغيير السياسي في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (تتكون قوتها الضاربة من الوحدات الكردية)”.
وأشار عبد الغني إلى أنه لا يوجد انقسام بين المشرعين الأمريكيين بشأن مصير رأس النظام السوري (بشار الأسد)؛ لأن القرار السياسي في أمريكا هو محدد بعقوبات اقتصادية للضغط على الأسد ومن خلفه إيران وروسيا، ولكن القرار في النهاية بيد ترامب ومستشاريه، في حين أنّ “الغالبية العظمى في الكونغرس ترى في الأسد مجرم حرب وعدواً للإنسانية”.
وبيّن أنه بحث مع إحدى مستشارات الرئيس الفرنسي، مانويل ماكرون، ملف استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية والانتهاكات المترتبة عليه، وكيف يمكن لباريس أن تسهم بشكل أكبر فيه.
محاكمة الأسد ممكنة
وحول محاكمة الأسد قال الحقوقي السوري: “على سبيل المثال النظام هجر السوريين قسرياً إلى الأردن، والأخير صدق على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية، والمهجرون هم على أراضيه، وقد تعرضوا لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، مضيفاً أنه “من الممكن للمحكمة الدولية أن تحقق في ذلك، ولكن هناك عقبة أنّ الأردن يجب أن يكون متعاوناً، وهذا يمكن إذا ما ضغط الاتحاد الأوروبي وأمريكا على المملكة الأردنية”.
وأردف قائلاً: إنّ الشبكة “جمعت قاعدة بيانات لكل من شارك بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وهذه القاعدة توسعت خلال أيام الحرب السورية، ونسعى لوضعهم على قائمة العقوبات، والتمهيد لاحقاً لمقاضاتهم ومعاقبتهم لربطهم بجرائمهم، ليس فقط من ارتكب الجرائم إنما أيضاً من مول نظام الأسد من رجال أعمال في حربه ضد المدنيين”.
ملف المعتقلين
وحول توثيق الأرقام الضخمة للمعتقلين في سجون الأسد أوضح عبد الغني أنه “رغم كل التوثيق لهذا الملف لم يجرِ التحرك لا فيه ولا في غيره من الملفات مع الأسف، مثل ملف الشهداء تحت التعذيب، كما أنّ النظام لم يُفرج عن أي معتقل ولم يسمح بزيارة المعتقلين من قبل ذويهم، حتى إنّه لم يكشف عن مصير المختفين قسرياً على الأقل”.
وهذا يدلل على فشل المجتمع الدولي وخصوصاً مجلس الأمن (التابع للأمم المتحدة) بتحقيق أي نوع من السلام والاستقرار في سوريا، بحسب تعبيره.
ولفت عبد الغني إلى أنه “لا يوجد أي ضغط حقيقي على النظام السوري إلا عبر عقوبات اقتصادية وهي غير كافية، حيث إن النظام لم يستجب لها على مدار السنوات، ربما لو كان هناك تدخل عسكري ما لدفع نظام الأسد للحل السياسي، ولكن الشعب السوري تُرك لمذبحة مفتوحة.
آلية التوثيق
وبيّن رئيس الشبكة لـ”الخليج أونلاين” أنّ “ما نقوم بتوثيقه ليس العدد الكامل والنهائي لضحايا الثورة السورية، انطلقت الشبكة مع بداية الثورة وبنينا عدداً من المصادر، لكن ما يجري في البلاد أكبر بكثير من إمكانياتنا؛ لوجود عدد كبير من الانتهاكات وعمليات القتل، وهذا بحاجة لموارد بشرية ومادية أكبر”.
وأضاف أنه يوجد لدى الشبكة “معايير لإضافة أسماء الضحايا إلى قاعدة البيانات؛ منها توفر اسم أو مكان أو صورة، أحياناً لا تتوفر كل الإثباتات، مثلاً قد ترد صورة أو فيديو بدون اسم لكن ذلك يثبت أنه قتل فنوثقه”.
وقال عبد الغني: إنّ “الثورة السورية من أعظم الثورات في العالم ضد النظام الأشد وحشية في العصر الحديث، بشجاعة وأسطورية من الشعب السوري الذي تعرض لآلاف المجازر وكل هذا الكم من القتل والتعذيب والتشريد والسحل، ومع ذلك لم يتراجع”.
وأشار إلى أنّ شعوباً أخرى تعرضت لأقل من ذلك بكثير من القمع وانتهت ثوراتهم بسبب العنف، لكن الثورة السورية ما زالت مستمرة والأجيال تتوارثها، حتى تنال سوريا حكماً ديمقراطياً وتتخلص من حكم العائلة والأقلية، وتستحق سوريا التحرر والعمل على محاكمة المجرمين”.
وفي 11 مارس الجاري، أصدرت الشبكة السورية تقريرها السنوي حول حصيلة أبرز الانتهاكات التي ارتكبت على يد الأطراف الفاعلة في سوريا منذ بدء الثورة، في مارس 2011، إذ بلغ عدد القتلى من المدنيين ما يقارب 225 ألفاً، بينهم نحو 28.5 ألف طفل، ونحو 15.5 ألف امرأة، مع نسبها المسؤولية العظمى (92%) إلى حلف نظام الأسد –روسيا.
… https://alkhaleejonline.net/%D