تزايدت بحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وتقارير أخرى، حالاتُ كشف عائلات المعتقلين تثبيت وفاة أبنائهم من دون علمهم في السجلات المدنية.
وبدأ النظام يلجأ في الآونة الأخيرة، بحسب حقوقيين سوريين، إلى حذف أيّ دلائل تخصّ المعتقلين، ومن الممكن أن تؤدي مستقبلاً إلى ملاحقته قانونياً، فـ”يتلاعب بالسجلات المدنية، وتتم توفية الشخص من دون الإشارة إلى أنّه كان محتجزاً”، بحسب ما تذكر مسؤولة قسم المعتقلين في “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” نور الخطيب. وتوضح في حديث مع “العربي الجديد” أنّ سعي النظام لـ”إغلاق ملف المُعتقلين صعبٌ أن يحدث، بسبب وجود نحو 215 ألف معتقل ومختفٍ قسرياً بمراكز احتجاز النظام”.
وتقول الخطيب إنّ “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وثّقت في سجلاتها مقتل 13066 معتقلاً تحت التعذيب في سجون النظام، مضيفةً أنّ هذا التوثيق يشمل الاسم الثلاثي للضحية، وتاريخ وملابسات اعتقاله، والجهة التي كان محتجزاً لديها. وتلفت إلى أنّ النظام يقوم بتوزيع قوائم بأسماء أشخاصٍ قتلوا في المعتقلات على دوائر السجلات المدنية، بمعنى أن تقوم سلطات النظام بتوفية الشخص، مُبيّنةً أنّ “شهادة الوفاة الصادرة عن النظام في هذه الحالة تُحدد زمان الوفاة ومكانها، بحيث يُكتب في خانة المكان فقط المحافظة التي حصلت فيها الوفاة، من دون أن يُذكر مكان الوفاةِ أو سببها تحديداً”.
وتوضح الحقوقية السورية أنه عندما تُقدم “عائلة من عائلات المعتقلين بعد علمها بوفاة ابنها على محاولة اتخاذ أي إجراء قانوني لتحديد سبب أو مكان وفاة ابنها، أو حتى المطالبة بجثمانه، فإنها تُعرّض نفسها لملاحقات وتهديدات، كون الموضوع برمته مرتبطاً بأفرع الاستخبارات، التي تُغلق بشتى الوسائل الطرق القانونية كافة على أهالي الضحايا” من المعتقلين والمُعتقلات بسجون النظام.
ووفقاً لـ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فإنه بالإضافة إلى عشرات آلاف المعتقلين فإن النظام يحتجز في معتقلاته أكثر من ثمانية آلاف امرأة، بينهنّ من قُتلن تحت التعذيب، وفق ما كشفت صور “القيصر”. و”القيصر”، هو الاسم المستعار لمصوّر في الشرطة العسكرية التابعة للنظام، يبلغ عمره نحو خمسين عاماً، وسرّب قبل أكثر من خمس سنوات، أكثر من ثلاثة وخمسين ألف صورة، تُثبت وفاة نحو أحد عشر ألف شخص، قتلوا في معتقلات النظام السوري. وقد أكد هذه الأرقام، في الأسبوع الماضي، لصحيفة “بيلد” الألمانية، التي أجرت لقاءً معه في دولةٍ أوروبية.
وقبل بدء النظام في الأسابيع الماضية بتوفية معتقلي سجونه في سجلاتهم المدنية من دون علم أهلهم، لم يكن أمام هؤلاء طرق كثيرة يسلكونها، للاستقصاء عن مصير أبنائهم.
ووفقاً لمسؤولة قسم المعتقلين في “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” فإنه “لا إجراءات قانونية في سورية يُمكن لأهالي المُعتقلين اتباعها للاستقصاء عن حالة أبنائهم وأقاربهم. لا يستطيع الأهل توكيل محامٍ مثلاً بسبب السياسة الأمنية التي يتبعها النظام السوري اتجاههم”. وتشير إلى أنّه “في بعض الحالات، يذهب الأهالي لمقرّات الشرطة العسكرية ويسألون عن المعتقل مرات عدة، ليحصلوا على جوابٍ، إمّا بمكان المعتقل إن كان مثلاً في سجن صيدنايا، أو إعطاء الأهل شهادة وفاة، تتضمّن سبباً مزعوماً للوفاة ومكانها (توقّف قلب مفاجئ وما شابه)”، وهذا ما اعتبرته الحقوقية السورية بمثابة “اعترافٍ من الشرطة العسكرية بأنّ الشخص قد توفى في أحد مراكز الاحتجاز”، لكنها أشارت إلى أنّ هذه الحالات محدودة، قياساً بأعداد القتلى في هذه المراكز.