أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها الشهري الخاص بتوثيق الانتهاكات المرتكبة بحق الإعلاميين من قبل جميع أطراف النزاع في سوريا من منطلق الاهتمام بدور الإعلاميين البارز في الحراك الشعبي وفي الكفاح المسلح.
وبحسب التقرير فإن العمل الإعلامي في سوريا يسير من سيء إلى أسوأ، في ظلّ عدم رعاية واهتمام الكثير من المنظمات الإعلامية الدولية لما يحصل في سوريا، وتراجع التغطية الإعلامية بشكل كبير في السنة الأخيرة مقارنة بالسنوات الماضية.
وأشار التقرير إلى أن الصحفي يعتبر شخصاً مدنياً بحسب القانون الدولي الإنساني بغض النظر عن جنسيته، وأي هجوم يستهدفه بشكل متعمد يرقى إلى جريمة حرب، لكن الإعلامي الذي يقترب من أهداف عسكرية فإنه يفعل ذلك بناء على مسؤوليته الخاصة، لأن استهدافه في هذه الحالة قد يعتبر من ضمن الآثار الجانبية، وأيضاً يفقد الحماية إذا شارك بشكل مباشر في العمليات القتالية.
وأوضح التقرير أنه يجب احترام الإعلاميين سواء أكانت لديهم بطاقات هوية للعمل الإعلامي أم تعذّر امتلاكهم لها بسبب العديد من الصعوبات.
من جهته، قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني: “”تبرز للعمل الإعلامي في سوريا أهمية خاصة لأنه في كثير من الأحيان يكشف خيطاً من الجرائم المتنوعة التي تحدث يومياً، ومن هذا المنطلق فإننا نسجل في معظم تقاريرنا الشهرية الخاصة بالإعلاميين انتهاكات من أطراف متحاربة فيما بينها””.
وذكر التقرير أن مختلف المحافظات السورية شهدت تراجعاً ملحوظاً وجيداً نسبياً في معدَّل القتل، منذ بدء سريان اتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار في سوريا وبشكل خاص المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، لأنَّ مناطق سيطرة النظام السوري لا تخضع للقصف الجوي الكثيف اليومي والذي يعتبر المتسبب الرئيسي في قتل أكثر من 60% من الضحايا، وتدمير المباني وتشريد أهلها.
وأوضح أنه على الرغم من ذلك فإن الخروقات لم تتوقف، وبشكل رئيسي من قبل النظام السوري، الذي يبدو أنه المتضرر الأكبر من استمرار وقف إطلاق النار، وخاصة جرائم القتل خارج نطاق القانون، والأفظع من ذلك عمليات الموت بسبب التعذيب، وهذا يؤكد وبقوة أن هناك وقفاً لإطلاق النار فوق الطاولة نوعاً ما، أما الجرائم التي لا يمكن للمجتمع الدولي وتحديداً للضامنَين الروسي والتركي أن يلحظها فهي ما زالت مستمرة ولم يتغير فيها شيء.
وذكر التقرير أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان لم تلحظ أي انخفاض في معدلات قتل الكوادر الإعلامية على يد قوات النظام السوري عقب دخول اتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، بل تجاوزت في شهر شباط/فبراير ما تم تسجيله في شهور سبقت الاتفاق.
ووفق منهجية الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإنَّ المواطن الصحفي هو من لعب دوراً مهماً في نقل ونشر الأخبار، وهو ليس بالضرورة شخصاً حيادياً، كما يفترض أن يكون عليه حال الصحفي، وإن صفة المواطن الصحفي تسقط عنه عندما يحمل السلاح ويشارك بصورة مباشرة في العمليات القتالية الهجومية، وطيلة مدة مشاركته بها.
وقد اعتمد التقرير بشكل رئيسي على أرشيف وتحقيقات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إضافةً إلى روايات أهالي وأقرباء الضحايا، والمعلومات الواردة من النشطاء المحليين، وتحليل الصور والفيديوهات التي وردتها.
كل ذلك وسط الصعوبات والتحديات الأمنية واللوجستية في الوصول إلى جميع المناطق التي تحصل فيها الانتهاكات، لذلك تشير الشبكة السورية لحقوق الإنسان دائماً إلى أن جميع هذه الإحصائيات والوقائع لا تمثل سوى الحد الأدنى من حجم الجرائم والانتهاكات التي حصلت.
واستعرض التقرير أبرز الانتهاكات بحق الإعلاميين في شباط/فبراير 2017، حيث سجل التقرير مقتل 5 إعلاميين على يد قوات النظام السوري وإعلامياً واحداً على يد تنظيم “”الدولة الإسلامية””.
كما وثق التقرير حالتيّ اعتقال على يد تنظيم “”جبهة فتح الشام”” تم الإفراج عن إحداهما، وحالة إفراج واحدة على يد فصائل المعارضة المسلحة. وحالة اعتقال واحدة على يد قوات الإدارة الذاتية الكردية تم الإفراج عنها.
وبحسب التقرير فقد أصيب 9 إعلاميين على يد قوات النظام السوري، وإعلامي واحد على يد جهات أخرى. كما وثق تعرّض مكتب إعلامي لقصف من قبل طيران ثابت الجناح تابع لقوات النظام السوري.
وأشار التقرير إلى ضرورة التحرّك الجاد والسريع لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه من العمل الإعلامي في سوريا، وأكد على ضرورة احترام حرية العمل الإعلامي، والعمل على ضمان سلامة العاملين فيه، وإعطائهم رعاية خاصة.
كما أوصى لجنة التحقيق الدولية بإجراء تحقيقات في استهداف الإعلاميين بشكل خاص، ومجلس الأمن بالمساهمة في مكافحة سياسة الإفلات من العقاب عبر إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وطالب التقرير المؤسسات الإعلامية العربية والدولية بضرورة مناصرة زملائهم الإعلاميين عبر نشر تقارير دورية تسلّط الضوء على معاناتهم اليومية وتخلد تضحياتهم.